ويتوقف بيان الحالة الثامنة من الحالات العشر على استذكار مقدّمة حاصلها. انّ الركن الثالث من أركان منجزية العلم الإجمالي له صياغتان : صياغة مشهورة وصياغة للشيخ العراقي. فالصياغة المشهورة تقول انّ شرط منجزية العلم الإجمالي تعارض الاصول في أطرافه فلو لم تتعارض ـ بأن جرت في بعضها دون بعض ـ لم يكن منجزا. وأمّا الصياغة الثانية فتقول انّ شرط منجزية العلم الإجمالي أن يكون العلم الإجمالي صالحا لتنجيز جميع أطرافه مع عدم وجود منجز آخر له غيره.
وبعد هذا نأخذ في بيان الحالة الثامنة. وحاصلها : لو كنّا نعلم إجمالا مثلا بوقوع نجاسة في أحد انائي حليب وأحدهما كان لا يمكن ارتكابه فلا يكون العلم المذكور منجزا ، فالإناء الآخر الذي يمكن ارتكابه يجوز تناوله بلا مانع.
هذا على سبيل الإجمال.
والتفصيل ان يقال : ان عدم إمكان ارتكاب أحد الإنائين له حالتان : ـ
١ ـ ان يكون ارتكابه غير ممكن عقلا ، كما لو فرض ان المكلّف علم إجمالا بنجاسة أحد كأسي الحليب وكان أحدهما في المريخ مثلا فان الإناء المذكور لا يمكن ارتكابه عقلا (١).
__________________
(١) ليس المقصود من عدم إمكان الإرتكاب عقلا عدم الإمكان بالمعنى الحقيقي الدقيق ـ إذ الوصول إلى المريخ وتناول الإناء الموجود فيه ممكن عقلا ـ وإنّما المقصود عدم الإمكان بمقتضى العادة