ذكرنا أنّ الكلام في حديث الرفع يقع في ثلاث مراحل. وهذه هي المرحلة الثالثة. وحاصلها انّ حديث الرفع هل يختص بالشبهات الموضوعية أو يعمّ الحكمية أيضا (١).
وقد مرّ في الحلقة الثانية احتمال الاختصاص بالشبهات الموضوعية تمسّكا بوحدة السياق حيث انّ الشبهة في الخطأ والنسيان والاكراه و ... لا تكون إلاّ موضوعية فإنّ الإنسان لا يخطأ إلاّ في الشيء المعيّن ولا يتصوّر أبدا الخطأ أو النسيان أو الاكراه في الشيء الكلّي.
وإذا كان هذا هو المقصود في هذه الفقرات فيثبت كونه المقصود أيضا في فقرة : « ما لا يعلمون » فيكون المراد في الجميع هو الشبهة الموضوعية.
والجواب عن ذلك : انّ إرادة خصوص الشبهة الموضوعية في غالب الفقرات وإرادة الأعمّ من الشبهة الحكمية والموضوعية في فقرة « ما لا يعلمون » لا يتنافى ووحدة السياق ؛ إذ كلمة « ما » الواردة في الفقرات اسم موصول بمعنى الشيء ، والمعنى المستعمل فيه في جميع الفقرات شيء واحد وهو مفهوم الشيء
__________________
(١) الشبهة الموضوعية هي الشبهة التي يكون الحكم الكلي فيها واضحا وإنّما التردّد في الموضوع الخارجي المعيّن ، كما إذا كان لدينا سائل مردّد بين كونه خمرا أو خلا ، فإنّ حديث الرفع لو كان يشمله فلازمه جواز تناوله لاقتضاءه ارتفاع المؤاخذة أو حرمة الشرب.
والشبهة الحكمية هي الشبهة التي يكون الموضوع فيها واضحا والتردد في الحكم الكلّي كما هو الحال في حرمة شرب التتن لو شكّ فيها