الإنائين مع فرض العلم بطرو الطهارة على أحدهما اجتماع النجاسة والطهارة في أحد الإنائين وهو غير ممكن.
ولماذا لا يمكن اجتماع النجاسة والطهارة في الإناء الواحد؟ يمكن أن يقرّب ذلك بأحد بيانين ، فأمّا ان يقرب ببيان انّ النجاسة والطهارة حكمان متضادّان ، فالنجاسة عبارة عن وجوب الاجتناب والطهارة عبارة عن عدم وجوب الاجتناب وهما حكمان متضادّان لا يمكن اجتماعهما في شيء واحد في عالم التشريع.
أو يقرب ببيان انّ الطهارة تستدعي أن يكون المكلّف مطلق العنان من حيث الارتكاب وعدمه بينما النجاسة تستدعي تضييق العنان وعدم الارتكاب ، وواضح انّ إطلاق العنان وتضييقه لا يمكن اجتماعهما فتلزم المنافاة في مقام العمل والامتثال.
والفرق بين البيانين انّ البيان الأوّل ناظر إلى لزوم المحذور بلحاظ عالم التشريع بينما البيان الثاني ناظر إلى لزومه بلحاظ عالم الامتثال.
وكلا هذين البيانين قابل للمناقشة.
امّا البيان الأوّل فلأنّ النجاسة والطهارة وإن كانا حكمين متضادّين إلاّ أنّ أحدهما واقعي ـ وهو الطهارة ـ والآخر ظاهري وهو النجاسة ، وقد تقدّم في القسم الأوّل من الحلقة التوفيق بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري واتّضح انّ بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي كمال الملائمة وإن المنافاة ثابتة بين خصوص الحكمين الواقعيين ـ كالطهارة الواقعية والنجاسة الواقعية ـ دون الظاهري والواقعي.