أيضا لنفي الأحكام الظاهرية؟
قد يقال بالحاجة إلى إجراء برائتين لأنّه يوجد عندنا احتمالان يصلح كل منهما أن يكون منجزا وهما : ـ
أ ـ احتمال الحرمة الواقعية. ويمكن تسميته بالاحتمال البسيط.
ب ـ احتمال الحجّية المشكوكة. ويمكن تسميته بالاحتمال المركب. والوجه في كون هذا الاحتمال صالحا للمنجزية هو أنّ الحجّية حكم ظاهري ، والحكم الظاهري ينشأ كما تقدّم من أهمية ، الملاك فكل حكم ظاهري يبرز اهتمام المولى بملاك الحكم الواقعي ، واحتمال الحجّية على هذا هو بعبارة اخرى احتمال لإبراز المولى اهتمامه بملاك الحكم الواقعي ، ومن الواضح انّ احتمال إبراز المولى لاهتمامه بالملاك احتمال صالح للمنجزية فلا بدّ من نفيه ببراءة اخرى.
هذا وقد يعترض على إجراء براءة ثانية عن الحجّية المشكوكة بأنّه تقدّم في الجزء القسم من الحلقة الثالثة ص ٣٦ ان الأحكام الظاهرية متنافية بوجوداتها الواقعية ، فالمولى لا يمكن أن يشرّع البراءة عن شرب التتن وفي نفس الوقت يشرّع الاحتياط فتشريع ، مثل هذين الحكمين غير ممكن حتّى ولو لم يصلا إلى المكلّف لأنّ تشريع البراءة معناه عدم اهتمام المولى بالمفسدة الواقعية المحتملة في شرب التتن بينما تشريع الاحتياط معناه اهتمام المولى بالمفسدة الواقعية المحتملة ، ومن الواضح أنّه لا يمكن في وقت واحد ثبوت اهتمام المولى بالمفسدة وعدم اهتمامه بها.
وباتّضاح هذا نقول في مقامنا : انّه لا يمكن إجراء براءة ثانية عن الحجّية المشكوكة ؛ إذ من المحتمل أن تكون الحجّية ثابتة واقعا ، وإذا كانت ثابتة واقعا ،