والمفروض إنّنا قد أجرينا البراءة عنها فيلزم اجتماع الحجّية والبراءة معا وهو غير ممكن لأنّ الحجّية تكشف عن اهتمام المولى بالمفسدة المحتملة في شرب التتن بينما البراءة تكشف عن عدم الاهتمام بتلك المفسدة فيلزم اجتماع الاهتمام وعدمه في وقت واحد وهو مستحيل.
وقد تقول : انّ ثبوت الحجّية ليس أمرا جزميا حتّى يلزم اجتماع البراءة والحجّية في وقت واحد ، بل هو محتمل ، ومعه فلا يقطع بثبوت البراءة والحجّية معا في وقت واحد حتّى يلزم المحذور المذكور.
والجواب : انّ ثبوت الحجّية ما دام محتملا فلازمه احتمال اجتماع المتنافيين ، ومن الواضح انّه كما لا يمكن القطع باجتماع المتنافيين كذلك لا يمكن احتمال اجتماعهما.
والخلاصة : انّ إجراء البراءة الثانية عن الحجّية قد يعترض عليه بأنّ لازمه احتمال اجتماع المتنافيين فلا يجوز.
ويمكن الجواب بأنّ البراءة الثانية ـ التي نجريها لنفي الحجّية المشكوكة ـ ليست في عرض الحجّية المشكوكة بل هي في طولها ؛ إذ لا بدّ وأن نفترض الشكّ في الحجّية أوّلا ثمّ بعد ذلك نجري البراءة الثانية عنها ، وما دامت البراءة الثانية في طول الحجّية المشكوكة فالنسبة بينهما إذن هي نفس النسبة بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي ، فكما انّه في الموارد الاخرى التي يوجد فيها حكم ظاهري وحكم واقعي يكون الحكم الظاهري في طول الحكم الواقعي ـ إذ لا بدّ من افتراض الشكّ في الحكم الواقعي أوّلا ثمّ بعد ذلك يأتي دور الحكم الظاهري ـ كذلك في مقامنا الذي يوجد فيه حكمان ظاهريان يكون أحد الحكمين الظاهريين