في طول الحكم الظاهري الآخر ، فالبراءة الثانية التي هي حكم ظاهري في طول الحجّية المشكوكة التي هي حكم ظاهري ، وكما أنّ تلك الطولية بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي كافية في رفع مشكلة اجتماع الحكم الظاهري والحكم والواقعي (١) للبيانات المتقدّمة هناك كذلك الطولية بين البراءة الثانية والحجّية المشكوكة ترفع المشكلة هنا أيضا (٢).
ثمّ أضاف السيّد الشهيد قائلا : انّه وإن تقدّم في القسم الأوّل ص ٣٦ انّ الأحكام الظاهرية متنافية بوجوداتها الواقعية ولكن مقصودنا من ذلك هو خصوص الأحكام الظاهرية التي تكون في عرض واحد ـ أي التي يكون موضوعها واحدا كالشكّ في حرمة التتن فانّه شكّ واحد لا يمكن ثبوت البراءة
__________________
(١) لعلّ أوّل من أثار مشكلة اجتماع الحكم الظاهري والحكم الواقعي هو ابن قبه.
وحاصلها أنّه لا يمكن أن يجعل الشارع المقدس الأصل أو الامارة حجّة لأنّه إذا قامت الامارة على وجوب صلاة الجمعة مثلا فإن كانت صلاة الجمعة واجبة واقعا أيضا يلزم من ذلك اجتماع المثلين وهو مستحيل ، وإن كانت غير واجبة واقعا بأن كانت محرمة مثلا يلزم من ذلك اجتماع المتنافيين ، وهو مستحيل أيضا. وقد تقدّمت الإشارة لذلك في القسم الأوّل من الحلقة الثالثة ص ٢٣
(٢) فعلى طريقة السيد الشهيد في الجمع بين الأحكام الظاهرية والأحكام الواقعية التي حصيلتها أنّ الحكم الظاهري حكم ناشئ من تقديم الملاك الأهم يمكن أن يقال انّه عند قيام خبر الثقة على حرمة شرب التتن مثلا يحكم الشارع بحرمته من ناحية قوّة كشف الخبر ، وعند الشكّ في حجّية خبر الثقة يحكم الشارع على شرب التتن بالحلّية من ناحية قوّة المحتمل ؛ إذ المفروض وجود شكّين : شكّ في التكليف الواقعي ـ الذي هو موضوع حجّية الامارة ـ وشكّ في حجّية الامارة ـ الذي هو موضوع البراءة الثانية ـ فمن الممكن أن يحكم الشارع عند الشكّ الأوّل بالحرمة على شرب التتن لقوّة الكشف ويحكم عند الشكّ الثاني بالحلّية لقوة المحتمل