« آتاها » أي إلاّ ما آتاها الله سبحانه ، ومن الواضح انّ إيتاء الشارع يختص بالأحكام فإنّه سبحانه يؤتي الأحكام ، وأمّا الشبهات الموضوعيّة فهو لا يؤتي شيئا فيها ، فإنّ كون هذا السائل المعيّن المشكوك خمرا حتّى يكون حراما أو ماء حتّى يكون حلالا ليس ممّا يؤتيه الله سبحانه ؛ إذ وظيفة الشارع بيان الأحكام الكلية (١) كبيان أنّ الخمر الكلي حرام والماء الكلي حلال ولا يبين الأحكام الجزئية ككون هذا السائل بالخصوص حراما أو حلالا.
ويمكن دفع هذا التوهم بأنّ المقصود من الإيتاء ليس هو الإيتاء التشريعي بل الإيتاء التكويني ـ ولا أقلّ من كون المقصود هو الإيتاء الأعمّ من التشريعي والتكويني ـ وواضح انّ الإيتاء الذي يختص بالشبهة الحكمية هو الإيتاء التشريعي وأمّا الإيتاء التكويني فهو يعمّ الشبهة الموضوعية أيضا ؛ إذ تمييز السائل المشكوك وأنّه خمر لا ماء يحصل بإتيائه سبحانه بمعنى خلقه القدرة فينا على تمييز ذلك.
وممّا يدلّ على عموميّة الآية للايتاء التكويني ان اسم الموصول يشمل
__________________
ـ تعارضه. وأمّا الشبهة الموضوعية فهي شبهة ناشئة بسبب أمر يرجع إلى المكلّف لا إلى الشارع كالشكّ في حرمة سائل معيّن من جهة الترديد في كونه خمرا أو ماء فإنّ منشأ الشكّ في التحريم لا يرجع إلى الشارع بل إلى المكلّف نفسه حيث لم يميز بين الخمر والماء
(١) التي هي مورد الشبهة الحكمية فإنّ المشكوك في الشبهة الحكمية هو الحكم الكلّي بخلافه في الشبهة الموضوعية فإنّ المشكوك فيها هو الحكم الجزئي. وبهذا يتّضح أنّ الشبهة الحكمية لها ضابطان أحدهما كون المشكوك حكما كليا ، وثانيهما : كون منشأ الشك في الحكم فقدان النصّ أو إجماله أو تعارضه