الاحتياط بتقريب انّ الآية الكريمة عامّة بينما أدلّة وجوب الاحتياط خاصّة ، وعند المعارضة يقدم الخاص على العام.
والوجه في كون الآية عامة هو أنّها تشمل ـ على ما تقدّم ـ ثلاثة أفراد : المال ، والفعل ، والتكليف ، والمهم في محل بحثنا من هذه الثلاثة هو التكليف ، والآية شاملة له بمقتضى عمومها فهي تشمل التكليف بمقتضى العموم المذكور ، وهذا بخلاف أدلة وجوب الاحتياط فإنّها مختصة بفرد واحد وهو التكليف فهي تدل على أنّ الاحتياط واجب في خصوص باب التكاليف.
وبعد إن كانت أدلة وجوب الاحتياط خاصة بمورد التكاليف بينما أدلة البراءة عامة للتكاليف ولغيرها يلزم تخصيص أدلة البراءة بواسطة أدلة وجوب الاحتياط فتصير النتيجة : لا يكلّف الله نفسا بشيء لم يؤت إلاّ في خصوص التكاليف فإنّها وإن لم تؤت ـ أي لم تعلم ـ يجب فيها الاحتياط ولا تكون مرفوعة.
هذا كلّه بالنسبة إلى المعارضة الاولى.
وأمّا المعارضة الثانية ـ أي المعارضة الواقعة بين حديث الرفع وأدلة وجوب الاحتياط ـ فأيضا قد يقول الإخباري بتقديم أدلة وجوب الاحتياط لنفس النكتة السابقة ، أي لكون حديث الرفع عاما بينما أدلة وجوب الاحتياط خاصة والخاص مقدّم على العام بالتخصيص.
والوجه في كون حديث الرفع عاما هو انّه يشمل الشبهات الحكمية والموضوعية ـ حيث مرّ بنا سابقا انّ حديث الرفع لا يختص بالشبهات الحكمية بل يعم الشبهات الموضوعية ـ بينما أدلة وجوب الاحتياط ناظرة إلى خصوص الشبهات الحكمية ؛ إذ الشبهات الموضوعية لا خلاف بين الاصولي والإخباري في عدم وجوب الاحتياط فيها.