٣ ـ إذا كان الشكّ في تحقّق الموضوع ـ كما لو شكّ في سائل انّه خمر أو لا ـ فلا بدّ من التفصيل بين كون الموضوع مأخوذا بنحو الشمولية ـ كما لو قيل اكرم كل فقير ، فإنّ الفقير لوحظ بنحو الشمولية ، أي انّ جميع الفقراء يلزم إكرامهم ، وهكذا لو قيل لا تشرب الخمر ، فإنّ المقصود إنّ جميع أفراد الخمر يلزم تركها ـ وبين كونه مأخوذا بنحو البدلية ، كما لو قيل اكرم فقيرا ما (١).
فعلى تقدير الشمولية يكون الشكّ شكّا في ثبوت التكليف لأنّ وجوب الإكرام ينحلّ بعدد الأفراد ، فلو كانت أفراد العالم مائة انحلّ إلى مائة وجوب ، ولكل فرد من العالم فرد خاص من الوجوب (٢) ، ومعه فالشكّ في كون شخص معين عالما يستلزم الشكّ في ثبوت وجوب آخر زائد على المائة فتجري البراءة عنه.
وإن كان مأخوذا بنحو البدلية ـ كما لو قيل اكرم فقيرا ما ـ فالشكّ شكّ في الامتثال ويجب الاحتياط لأنّ المفروض أنّ وجوب الاكرام الثابت في حقّ المكلّف وجوب واحد ويشكّ في أنّ هذا الوجوب الواحد هل يحصل امتثاله باكرام من يشكّ في فقره أو لا ، وفي مثله يحكم بالاشتغال ولزوم الجزم بتحقّق الامتثال.
__________________
(١) قد يعبّر عن البدلية بصرف الوجود ـ فيقال انّ وجوب الاكرام متعلّق بالفقير بنحو صرف الوجود ـ وعن الشمولية بمطلق الوجود فيقال وجوب الاكرام متعلّق بالفقير بنحو مطلق الوجود
(٢) والدليل على الانحلال المذكور انّ من أكرم بعض العلماء ولم يكرم بعضهم الآخر كان مطيعا بمقدار ما أكرم وعاصيا بمقدار ما لم يكرم ، فلو كان الوجوب واحدا وليس بانحلالي فكيف يتحقق العصيان والإطاعة معا؟ كلا لا يمكن بل يلزم تحقق الإطاعة فقط أو العصيان فقط