الأخبار لفظا ؛ ولا المعنوي ، لاختلافها مضمونا وعدم كفاية اشتراكها في جامع في كونها متواترة كذلك وإلاّ لكان كل من عدة أخبار في أبواب مختلفة مشتركة في جامع ما متواترة كذلك.
بل المراد التواتر الاجمالي وهو : أن يعلم من كثرة الأخبار الواردة في باب واحد ولو بمضامين مختلفة يصدق بعضها بحيث يمتنع كذب الجميع ، ولازمه ابتداء الأخذ بخبر منها يكون مضمونه أخص من الجميع ومجمعا له ، وبعده : فان كان الباقي يعلم بصدق بعضه كذلك أيضا فيؤخذ بالأخص منه الذي يكون أعمّ بالنسبة إلى الأول.
هذا كله ، مضافا إلى عمل الأصحاب في أبواب الفقه بقاعدة نفي الضرر فيكون جابرا لضعف أخبارها بناء على تسليمه ، وحيث انّه لم يعلم انّ المشتبه أي منها فلا بدّ من الأخذ بالأخص فالأخص ، هذا ؛ مع انّ بعض أخبار الباب كان موثقا فيكون حجة فلا يحتاج السند إلى التصحيح ولو مع قطع النظر عمّا ذكرنا أيضا.
المقام الثاني : في بيان معنى مفرد « الضرر » و « الضرار » لغة ، والمركب منهما مع كلمة « لا » عرفا ، فنقول :
انّ « الضرر » كما عن المصباح (١) بمعنى فعل المكروه ؛ وعن النهاية (٢) بمعنى النقص. ولا يخفى انّه من المفاهيم العرضية الواضحة غير المحتاجة إلى التعريف غير المشتبهة مصداقا ، ولكنه لا يبعد ان يكون بمعنى النقص مقابل النفع سواء تعلق بالمال أو بالعرض أو بالنفس ؛ ومقابلته معه ليس تقابل التضاد ، بل تقابل العدم والملكة فيطلق على النقص في مقام يترتب منه الزيادة كما في حبس ذي
__________________
(١) المصباح المنير ٢ : ٣٦٠.
(٢) النهاية في غريب الحديث والاثر ٣ : ٨١.