موضوع دليل الحكم المتيقن في السابق لا دليل نفس الاستصحاب كما عرفت ، وسيجيء تحقيق ذلك في التنبيه المتعلق باشتراط بقاء الموضوع في الاستصحاب ان شاء الله.
الأمر الثالث : انّ الاستصحاب كما عرفت متقوم باليقين بالحدوث والشك في البقاء ، فلا بد حين اجرائه من احراز وجود المستصحب سابقا وان لم يحرز قبل ذلك ، فلو لم يحرز ذلك حينه بل كان محرزا سابقا ومشكوكا بالشك الساري حين اجرائه فلا يجري الاستصحاب بالنسبة إليه. نعم على تقدير شمول الأخبار لمثل ذلك ـ كما نشير إليه ـ كان ذلك قاعدة اخرى يعبّر عنها بقاعدة اليقين ولا ربط لها بالاستصحاب.
ثم انّه لا بدّ من كون الشك المتقوم به الاستصحاب فعليا لا تعليقيا على تقدير الالتفات إلى الحكم ، حيث انّ المستند :
لو كان هو الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك فلا شبهة في ظهورها في بيان الوظيفة للشاك الفعلي الأعم من الشك بمعنى تساوي الطرفين حتى مثل قوله : « لا تنقض اليقين إلاّ باليقين » (١) حيث انّه عبارة عن النهي عن نقض اليقين بمقابله ظنا كان أو شكا أو وهما وكل منها لا يتأتّى إلاّ بالالتفات إليه ، هذا ، مع إشعار لفظ « النقض » عليه كما لا يخفى.
وان كان الاستصحاب من باب الظن ولو نوعيا فهو لا يحصل ولا يستند اليه في مقام العمل إلاّ مع الالتفات إليه أيضا.
وان كان من باب بناء العقلاء فبناؤهم على العمل على طبق الحالة السابقة
__________________
(١) الموجود في المصادر : « وانما تنقضه بيقين آخر » أو « ولكن ينقضه بيقين آخر ». وسائل الشيعة ١ : ١٧٤ الباب ١ من ابواب نواقض الوضوء ، الحديث ١ ؛ تهذيب الاحكام ١ : ٨ باب الاحداث الموجبة للطهارة ، الحديث ١.