المقصد الثالث من مقاصد هذا المختصر : في حكم الشك.
قد عرفت في أوله انّ المكلف المراد به من أنشئ في حقه التكليف ـ سواء صار فعليا وتنجز في حقه أم لا ـ إذا التفت إلى حكم شرعي فامّا أن يحصل له القطع به ، أو قامت عنده الأمارة المعتبرة بالنسبة إليه أم لا ؛ وقد مضى البحث عن أحكام القسمين الأولين على نحو الاختصار وبقي القسم الثالث ، والمرجع فيه ما دل عليه العقل أو عموم (١) النقل من القواعد.
ولا يخفى انّ ما يجري منها في الشبهات الحكمية في جميع أبواب الفقه بلا اختصاص بباب دون باب أربعة ، وان كانت القواعد في الشبهات الموضوعية أو المختصة بباب دون باب كثيرة.
وانحصار القواعد الجارية في مطلق الشبهات الحكمية في أربعة وهي البراءة والاحتياط والاستصحاب والتخيير إنّما هو بحكم الاستقراء وان كان الحصر بين مجاريها الفعلية للاصول الأربعة عقليا دائرا بين النفي والاثبات ؛ والحصر العقلي إنّما هو بين كل من المجاري بالنسبة إلى الآخر وإلاّ فربما يشتمل كل منها على أقسام أيضا.
ثم انّ تحديد موارد الاصول الأربعة بعبارة حاصرة غير سالمة عن انتقاض كل منها بآخر منها طردا وعكسا ، غير مهم ، مع انّه لا يترتب عليه الأثر ، فالأولى
__________________
(١) والتقييد به لدفع إيراد عدم جريان الاستصحاب في الشكوك الصلاتية فانّه قد قيّد بقوله : « فابن على الأكثر » ( وسائل الشيعة ٥ : ٣١٨ الباب ٨ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣ ). منه قدسسره