الجامع بينه وبين عدله قسمان واشتبه كل منهما بالآخر فهو لك حلال حتى تعرف القسم الحرام من نوعه تفصيلا ؛ مثلا يصدق انّ كل واحد من شرب العصير وشرب النبيذ في الجامع بينهما قسم من الحرام وقسم من الحلال فهو لك حلال حتى تعرف القسم الحرام من ذاك الجامع تفصيلا.
فظهر انّه على فرض تسليم عدم دلالة سائر الأخبار على الحلية وكون الغاية فيها أعمّ من العلم التفصيلي والاجمالي وأعم ممّا كان متعلقا بعنوان أحدهما فلا اشكال في دلالة هذا الخبر على الحلّية والبراءة في صورة العلم الاجمالي ولو كانت الشبهة حكمية وان نوقش في دلالته على البراءة في الشبهة الحكمية البدوية.
هذا كله في الشبهة الحكمية.
وامّا الشبهة الموضوعية : فان قلنا : بانّ المراد من الشيء الواقع في الاخبار كناية عمّا هو شيء بالحمل الشائع من الأشخاص والخصوصيات والمراد من الغاية معرفة ذاك الشيء بخصوصياته ، فتدل جميع أدلة البراءة على الحلّية في الشبهة الموضوعية من العلم الاجمالي أيضا.
وان قلنا : بأنّ المراد من الشيء أعم ممّا ذكرنا ومن العناوين الكلية ، فلا دلالة لها ، للعلم بالعنوان المعلوم الحرمة بين المشتبهين ، فيجب الاجتناب عنه وعن أطراف الشبهة مقدمة له. نعم الخبر الأخير يدل على البراءة في الشبهة الموضوعية أيضا بل هي المتيقن منه.
فحصل مما ذكرنا : انّ مقتضى الأدلة بعد البناء على تأثير العلم الاجمالي في التنجز على نحو الاقتضاء لا على نحو العلية هو البراءة حتى بالنسبة إلى المخالفة القطعية ؛ إلاّ أن يقوم اجماع على خلافه ، كما لا يبعد دعوى ذلك في الشبهات الموضوعية.