المجاهدة مع النفس وتزكيتها من الملكات الرذيلة وتحليتها بالملكات الحسنة كما انّ ذلك هو الظاهر من قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (١) فلا شبهة في عدم وجوب النظر بعد ذلك ، بل لا معنى له ، لكونه لغوا بالنسبة إلى حصول المعرفة إلاّ على تقدير تحصيل الحاصل مع انّ المرتكز في ذهنه من المقدمات من حسن الظن وعدم خطأ من قلّده نحو من النظر والاجتهاد.
ولو كان حاصلا من المقدمات الاجمالية فان كان المراد من النظر والاجتهاد المدعى عليه الاجماع في كلام العلاّمة قدسسره (٢) وغيره أعمّ من ذلك فلا يبقى مورد للتقليد إلاّ في موارد حصول الظن منه لا العلم وإلاّ فلا اجماع عليه بعد حصول المعرفة القطعية لا بنحو الشرطية للاسلام كما هو الظاهر من العلاّمة قدسسره (٣) ولا على كونه واجبا مستقلا معفوا عنه كما نسب إلى الشيخ قدسسره (٤) وإلاّ لما كان دليل على العفو. وامساك النكير من العلماء بالنسبة إلى المقلدين لو لم يكن دليلا على عدم الوجوب أصلا لما كان دليلا على العفو ، حيث انّ النظر لو كان واجبا ولو كان ممّا عفي عنه كما في الظهار لم يكن وجه لامساك النكير لكفاية وجوبه في الانكار على تاركه كما كان كذلك في مسألة الظهار.
الأمر السادس : إذا بنينا على عدم حجية ظن أو على عدم حجية الظن المطلق فهل يترتب عليه آثار أخر غير الحجية على الاستقلال مثل كونه جابر الضعف سندا ودلالة أو كونه موهنا لحجة اخرى كذلك بحيث لو لا ذلك لكان حجة أو مرجحا لأحد المتعارضين على الآخر بحيث لو لا ذلك لما كان ترجيح في البين ،
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٦٩.
(٢) الباب الحادي عشر : ٣.
(٣) الباب الحادي عشر : ٥.
(٤) عدة الاصول ١ : ١٣٢ و ٢ : ٧٣١.