ثم انّه لا يتوهم مما ذكره المشهور من فساد الصلاة في الدار الغصبي بالنسبة إلى الجاهل بالحكم والمتوسط فيها في سعة الوقت ولو في حال الخروج ، بقاء النهي الفعلي بالنسبة إليهما مع حصول الغفلة عن الحكم في الأول وعدم القدرة على التخلص عن الغصب بغير الخروج في الثاني ، لانه لو لا النهي الفعلي فلا وجه للحكم بفساد الصلاة كما في الجاهل بالموضوع والناسي له ، ولازم ذلك بقاء الأمر بالنسبة إلى الجاهل الغافل فيكون العقاب على مخالفة الأمر الفعلي لا على مخالفة الأمر الساقط بالغفلة.
لانّه يدفع : بأنّ وجه حكم المشهور بفساد الصلاة إنّما هو مبغوضيّة الفعل وكونه مبعدا للعبد عن ساحة المولى ، ولا بدّ مضافا إلى نية القربة في العبادة لا من كون الفعل صالحا للتقرب به إليه تعالى ، وما كان مبغوضا له فعلا ـ وان لم يكن فعلا منهيا عنه لعدم قدرة المكلف ولو باختياره ـ لا يصلح لذلك ، ولا ينحصر وجه الفساد في بقاء النهي حتى يستكشف من ذهابهم إلى الفساد بقاؤه ولو مع عدم القدرة الناشئة بسوء الاختيار مع كون القدرة على التكليف شرطا لتوجه الأمر عقلا مطلقا بحيث يقبح بدونه.
نعم ، لو لم يكن الفعل منهيا عنه فعلا ولا مبغوضا صدورا وان كان منهيا عنه شأنا لا مانع عن صحة العبادة حيث تكون جهة العبادة مع صدورها عن قصد التقرب محسّنة بلا مزاحم في البين ، لأنّ مزاحمة جهة النهي مع جهة الأمر إنّما يكون إذا كانت فعلية ومؤثرة في قبح صدورها من الفاعل لا ما إذا كانت شأنية وغير مؤثرة أصلا فانّه حينئذ يكون التأثير في جهة الأمر فقط مع قصد التقرب به ، كما بالنسبة إلى الناسي والجاهل بالموضوع إذا كان غير غاصب ؛ فالمناط في المزاحمة وعدمها هو كون جهة النهي فعلية في البغض وعدمها.