فلا بدّ من المصير إلى أحد وجوه ثلاثة :
الأول : القول بكون تلك الواجبات بالنسبة إلى الوقت معلقة بأن يكون الوقت قيدا للمأمور به لا للأمر فيكون الوجوب قبله فيستمر بالنسبة إلى المقدمات التي يتمكن من تحصيلها قبل الوقت مع العلم بعدم التمكن منها بعده ، فانّه بحسب تحصيل هذه المقدمات حينئذ فيما لم يكن وجودها الاتفاقي قيدا للمأمور به كالاستطاعة بل كان وجودها على نحو الاطلاق ـ ولو كان بتحصيل المكلف ـ مأخوذا في المأمور به كالطهارة المائية بالنسبة إلى الصلاة مثلا ومن جملتها التعلم ، لكون الواجبات بالنسبة إليه كما يظهر من المشهور واجبا مطلقا ولو قبل الوقت وان كانت بالنسبة إلى سائر المقدمات واجبا مشروطا بمعنى انّها أخذت في المأمور به بنحو لا يجب تحصيلها ، كأخذ المقدمات التي لا يتمكن المكلف من تحصيلها من الوقت ونحوه.
ولكنه لا يخفى انّه يسقط الأمر عن المكلف حين الغفلة عنه لقبح توجيهه إلى الغافل ، دون ما هو أثره من العقوبة والمبغوضية بسبب العصيان الحاصل بسوء الاختيار من ترك التعلم والتفحص عن الواجب حين الالتفات إليه والقدرة على تعلّمه كالملقي نفسه بالاختيار عن شاهق بالنسبة إلى الالقاء فانّه كان منهيّا عنه قبله وأمّا بعده فيسقط بنفسه دون أثره ، وكالمتوسط في الأرض المغصوبة بالنسبة إلى حال الخروج فانّه كان منهيّا عنه قبل الدخول لا بعده وان كان العقاب عليه باقيا حينئذ.
ثم انّ استحقاق العقاب على مخالفة الواقع عقلا إنّما يحصل بمجرد صيرورة المكلف سببا لامتناع الفعل على نفسه بتركه التعلّم وغفلته بعد ذلك بلا حالة منتظرة إلى زمان الفعل.