المقام ؛ فحينئذ يكون الأصل بمقتضى حكم العقل هو الاحتياط الاّ في ما دل على عدم وجوبه عقلا أو نقلا فبعد ما عرفت من لزوم رفع اليد عنه عقلا في قدر الاختلال فيبقى الكلام في وجوبه في غير هذا المقدار مطلقا ولو فيما لزم منه العسر غير المخلّ أو فيما لم يلزم منه ذلك أيضا أو عدم وجوبه مطلقا.
وقد استدل على عدم وجوبه في حال الانسداد بوجهين :
الاول : الاجماع القطعي على عدم وجوبه في جلّ الفقه في مظنوناتها ومشكوكاتها وموهوماتها في حال الانسداد قطعيا من القائلين به وتعليقا على الانسداد من القائلين بانفتاح باب العلم.
ولكن دعوى : تحقق الاجماع مع تطرق الشك في المسألة واحتمال استناد البعض فيها بعدم كون العلم الاجمالي منجّزا للتكليف عقلا وإلاّ فمع تنجيزه عند تعلّقه بالحكم الفعلي فكيف يحتمل الترخيص شرعا ، مشكلة.
الثاني : لزوم العسر الشديد والحرج الأكيد في التزامه لكثرة المحتملات مظنونا أو مشكوكا أو موهوما بحيث لو بنى المجتهد في تشخيص موارده في غير ما علم فيه التكليف بالاجماع أو بالخبر المتواتر ، والمقلد في تعلم تلك الموارد منه مع الابتلاء في كلّ يوم وليلة يلزم منه العسر فضلا عن العمل به فيرتفع وجوب الاحتياط في غير العسر المخلّ بأدلة نفي العسر شرعا.
وفيه : بعد البناء على تقديم أدلة العسر على أدلة التكاليف حكومة أو جمعا لتعرّضها للعناوين الطارئة دونها ؛ انّه بناء على مذهب الاستاذ دام ظله (١) انّ معنى أدلة نفي العسر نفي الحكم كناية بلسان نفي الموضوع وانّها تفيد نفي ما للامور العسيرة والموضوعات الصعبة من الأحكام الشرعية التي كانت المنّة في رفعها ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٥٨ و ٤٣٢ ؛ درر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ١٣٥ ، والطبعة الحجرية : ٧٩ عند التعليق على قوله : « الثاني : العسر الشديد ».