انّ مفاد الآية وجوب الحذر عند الابلاغ مع التخويف ، بحيث كان التخويف داخلا في اخباره وكان ابلاغه حجة على المنقول اليه بهذه الخصوصية بمقتضى دلالة الآية على حجية الاخبار الانذاري ؛ ومن المعلوم انّ هذا إنّما يتحقق فيما إذا كان تشخيص كون الحكم المخبر به ممّا يتخوّف به أم لا ، بفهم الناقل ، وهذا إنّما هو شأن المجتهد بالنسبة إلى مقلده حيث كان تعيين انّ الحكم ممّا يتخوّف به أم لا بفهمه وبرأيه ، فتدل الآية على حجية الفتوى ، لا ذكر الأخبار بالنسبة إلى المجتهد ممّا كان تعيين الحكم وانّه ممّا يتخوّف به أم لا بفهم المنقول إليه وكان وظيفة الناقل مجرد نقل الألفاظ بحيث يكون انضمام التخويف منه إليها وضع الحجر في جنب الانسان.
ولكن الظاهر : عدم المنافاة بين حجية القول من باب حجية الأخبار وصحة كونه بنحو الانذار والتخويف ، كما يظهر بالمراجعة إلى حال نقلة الفتاوى بالنسبة إلى المقلدين ، مع وضوح انّهم غالبا ينقلونها بنحو يشتمل على التخويف ويصدق عليهم انّهم منذرين وعلى أخبارهم الانذار.
ومن المعلوم انّ حال المتفقهين المطلعين برأي الامام عليهالسلام بالنسبة إلى النافرين أو المتخلفين حال نقلة الفتاوى في صدق كونهم منذرين إذا أخبروا بها بنحو الانذار مع عدم حجية رأيهم للمنقول إليهم ، كما إذا أخبروا كذلك عن موافقة منهم فيكون الناقل للإخبار بنحو الانذار حجة بمقتضى الآية ، وبضميمة عدم الفصل يكون دليلا على تمام المدّعى من حجية الاخبار مطلقا ولو بغير الانذار في جميع الأحكام ولو في غير ما ينذر به من غير الوجوب والحرمة.
ومن جملة الآيات التي استدل بها على حجية أخبار الآحاد قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ