من رفع الجهل ولكن مع حصول الغفلة في آخر الوقت فيسقط الأمر حين الغفلة ، لقبح توجهه إلى الغافل ، دون العقاب ، فيستشكل بلزوم ترتب العقاب بترك الفعل في آخر الوقت مع عدم الأمر ؛ فمن هنا التجأ صاحب المدارك إلى كون العقاب على ترك التعلم.
ولكنه يدفع : بأنّ العقاب من جهة اسقاط الأمر المنجّز في أول الوقت بالعصيان بامتناع المأمور به على نفسه بترك التعلم مع قدرته عليه ، فحيث انّه صار التكليف منجزا عليه في أول الوقت وصار بنفسه سببا للسقوط يستقل العقل باستحقاق العقاب وهذا كالقاء نفسه عن شاهق في الدار الغصبي مع عدم قدرته على تركه بعد الالقاء بعد القدرة عليه قبله ، وكترك المستطيع السير إلى الحج مع القافلة الأخيرة مع امتناعه بعده فانّه لا اشكال في حكم العقل بكفاية تنجز الأمر في زمان لاستحقاق العقوبة على مخالفته وان سقط بعد ذلك فيما إذا كان السقوط باختياره ؛ فلا وجه لالتجاء مثل صاحب المدارك إلى القول بكون استحقاق العقوبة من جهة ترك التعلم ، إلاّ أن يوجّه كلامه بأنّ استحقاق العقوبة بترك الواقع إنّما هو حين ترك التعلم لحصول العصيان في هذا الوقت فلا وجه لانتظار مضي الوقت بتمامه ، ولا وجه أيضا للقول ببقاء الأمر بعد الغفلة لا انّ مراده انّ العقاب بنفس ترك التعلم.
الثالث : أن يكون الالتفات إلى التكليف والقدرة على التعلّم عليه قبل الوقت مع حصول الغفلة من أوله إلى آخره ، وحيث انّه ما صار الأمر في هذه الصورة منجّزا لا قبل الوقت كما هو واضح ولا بعده لحصول الغفلة فلا وجه على القاعدة لاستحقاق العقوبة على المخالفة ؛ إلاّ انّ المشهور بل ادّعي الاجماع عليه استحقاق العقوبة في هذه الصورة أيضا.