فكذلك العمل بالاستصحاب يستلزم العلم بالحكم فلا يبقى مجال لها.
وجه الاندفاع : ما عرفت من انّ موضوع الاستصحاب هو الشك من جميع الجهات بظاهر لفظ الشك ولا أقل من كونه نقض اليقين بالشك وذلك يرتفع بالأمارة ، وامّا موضوعها فإنّما هو الشك في الواقع قضية لإخبار العادل عن الواقع ودليل اعتباره الدالّ على وجوب الغاء احتمال المخالف له واقعا وعند ذلك يتأتّى الدوران بين التخصص والتخصيص بلا وجه أو بوجه دائر ، فلا بدّ من تقديم الأمارة كما لا يخفى.
ثم ان أبيت عمّا ذكرنا من وجه التقدّم فلا بدّ من الرجوع إلى الوجه الذي ذكره شيخنا العلاّمة (١) أعلى الله مقامه من حكومة دليل الأمارة على الاستصحاب بمعنى شرح دليلها ولو بلحاظ دليل اعتبارها لموضوع دليله ونظره إليه توسعة مرّة وتضييقا اخرى على ما سيجيء في شرح الحكومة ان شاء الله.
بيانه : في المقام انّه لو تيقن سابقا على حلية شرب التتن ثم شك في بقائها فيتحقق موضوع الاستصحاب وهو احتمال الحلية المتيقنة سابقا ، فإذا أخبر العادل بعد ذلك بحرمة شرب التتن يكون دليل اعتباره دالا على وجوب تصديقه بأخذ ما أخبره به وهو الحرمة والغاء احتمال خلافه وهو الحلية ؛ ومن المعلوم انّ الغاء احتمال الخلاف لمّا لم يكن باختياري فيرجع إلى الغاء أثره وقد عرفت انّه موضوع لحرمة النقض فيكون ملغى بلسان نفي الموضوع بسبب الأمارة ، وليس ذلك إلاّ بمعنى الحكومة.
فان قلت : انّ تصديق العادل في اخباره بالحكم الاستصحابي يقتضي الغاء احتمال خلافه ولو كان حكم الأمارة.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٣١٣ ـ ٣١٤ و ٣ : ٣١٧ ـ ٣١٨ و ٤ : ١٣.