ولكنه لا يبعد القول بترتب العقاب على مخالفة الواقع ، لكون حكم العقل بالاحتياط قبل الفحص ـ مع (١) التمكن من الوصول إليه ولو بالاحتياط وعدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ولا الأدلة النقلية على البراءة لتقيدها بالاجماع على ما بعد الفحص ـ حجة وبرهانا على الواقع ، وقد مرّ المراد من البيان بالنسبة إلى الواقع وهو ما يصح معه المؤاخذة على مخالفته.
هذا كله في عقاب الجاهل قبل الفحص.
وأمّا الكلام في صحة عمله بعد الالتفات وتعلم التكاليف الواقعية عن اجتهاد أو عن تقليد صحيح فالتحقيق : أن يقال : انّه على وجوه ثلاثة :
الأول : أن يعلم أو يؤدي الطريق المعتبر بصحة عمله ومطابقته للواقع ، فالظاهر الصحة والإجزاء بالنسبة إلى الواقع عبادة كان أو معاملة.
أمّا المعاملة : فواضح.
وامّا العبادة : فلاشتمال المأتي به على جميع ما يعتبر في العبادة من قصد القربة وغيره حتى قصد الوجه وتميز المأمور به عن غيره فيما دار أمره بين الأقل والأكثر ، لكون الجزء المشكوك مثلا جزء طبيعة أو جزء فرد ؛ وعلى كل حال لا يضر بكون الوجود المأتي به وجود الطبيعة ، لما قرر في محله من عينية الفرد مع الطبيعة وجودا.
وامّا احتمال اعتبار تميز الاجزاء الواجبة عن الاجزاء المستحبة ، فسخيف إلى النهاية.
نعم ، فيما دار الأمر بين المتباينين فربما يقال : بعدم الصحة :
__________________
(١) جملة معترضة طويلة.