بالنسبة إلى الأمر الطريقي فليس إلاّ صرف إيقاع الطلب وانشائه بلا إرادة نفسية بل ولا بعث حقيقي على طبقه ، فيرتفع التضاد. وتوضيحه يحتاج إلى بيان امور :
الأول : انّ الظاهر من أدلة اعتبار الأمارات من بناء العقلاء والأخبار ـ كما سيجيء ان شاء الله ـ اعتبارها من باب الطريقية بحيث لم يحدث في متعلقها بسبب قيامها مصلحة غير مصلحة الواقع إلاّ في الأمر بها من مراعاة الإيصال إلى الواقع غالبا والتسهيل ونحوهما لا الموضوعية كي يحدث في متعلقها بسببها ذلك ، بل كان حجيّة ظواهر الألفاظ أيضا من هذا الباب ، كما يظهر بالمراجعة إلى العقلاء.
إذا عرفت ذلك فاعلم : انّ جعل الطريق بالنسبة إلى الواقع إنّما يكون فيما وصل إلى المرتبة الفعلية كي يقتضي مصلحته الفعلية لجعل طريق للتوصّل إليها والإيصال إلى المطلوب غالبا ، وإلاّ فبدون ذلك لا معنى للطريق إلاّ جعل ما يوجب تتميم المصلحة وإيصالها إلى المرتبة الفعلية فيصير مأخوذا في موضوع الحكم الفعلي فيخرج عن الطريقية إلى الموضوعية كما لو أخذ العلم في موضوع الفعلية فلا يكون طريقا محضا وهو خلف.
الثاني : انّ للطلب ـ كما حقق في مبحث الطلب والارادة ـ مضافا إلى مفهومه الذهني أنحاء من التحققات وأطوار من الوجودات :
أحدها : تحقق مصداقه الحقيقي في النفس صفة لها وهو المعبّر عنه بالحب والبغض مرة ، والشوق المؤكّد ومقابله اخرى ، والارادة والكراهة ثالثة ؛ وكلها بمعنى.
ثانيها : تحققه في مقام الإنشاء بالوجود الانشائي وتشخصه بمشخصات المرتبة صونا لقاعدة « الشيء ما لم يتشخص لم يوجد » وان كان كليا بالنسبة الى مرتبة اخرى.
وثالثها : تحققه في الخارج مصداقا حقيقيا للطلب بالحمل الشائع ، ويكون