ان لم يكن بقدر التواتر فلا يصح التمسك به على حجية خبر الواحد ، وان كان فكذلك أيضا ، لكون النقل منهم سواء كان راجعا إلى نقل الكاشف أو المنكشف إنّما يكون حدسيا فلا يكون حجة ولو بناء على حجية الخبر عن الحس مع وجود ما يمنع عن استكشاف الدليل القطعي من الاتفاق من الآيات والسنة.
الثالث : أن يدّعى الاجماع العملي من العلماء بل من كافة المسلمين على العمل بخبر الثقة في امورهم الشرعية ، كما في نقل الزوج فتاوى المجتهد بالنسبة إلى الزوجة ، واخبار الوكيل فيما وكّل فيه ، ونقل العالم بالفتاوى بالنسبة إلى المقلدين.
بل السيّد رحمهالله داخل في هذا الاجماع في مثل زماننا هذا وشبهه ممّا انسدّ فيه باب العلم حيث أجاب بعد الاعتراض على نفسه بأنّه إذا سددتم طريق العمل بأخبار الآحاد فعلى أي شيء تعولون في الفقه كله بما حاصله :
انّ معظم الفقه يعلم بالضرورة والاجماع والأخبار العلمية وما يبقى من المسائل الخلافية يرجع فيها إلى التخيير ، فانه يعلم منه انّه على فرض الانسداد لا بأس بالعمل به كما اعترف به على ما حكي عنه في المعالم. (١)
ولكنه يرد على هذا الوجه على فرض تسليمه مضافا إلى ما ذكرنا في الوجهين الأوّلين : انّ العمل غير معلوم الوجه لو لم يدّع انّه من جهة كونهم من العقلاء لو كانت طريقتهم على ذلك ، ومعه فلا يعدّ وجها على حدة ، وبدونه فلا وجه للطريقة العقلائية.
الرابع : استقرار طريقة العقلاء وديدنهم على الرجوع إلى خبر الثقة في امورهم العادية ومنها الأوامر الجارية من الموالي إلى العبيد ، وهذه الطريقة كانت
__________________
(١) معالم الدين : ١٩٦.