وديدنهم بالتمسك بالظواهر الصادرة من الموالي مع العلم الاجمالي بخلافها كذلك. نعم لو كان ظواهر مخصوصة مبتلى بها فعلا علم بمخالفة الظواهر بينها بالخصوص لم يتمسكوا بها بل يعاملون معها معاملة المجمل.
المقدمة الخامسة : في انّه إذا وجب التعرض لامتثال الأحكام المشتبهة ولم يجز اهمالها بالمرّة وثبت عدم التمكن من تحصيل العلم التفصيلي مع عدم جواز الرجوع إلى الطرق المقررة للجاهل من البراءة والاحتياط وسائر الاصول ودار الأمر حينئذ بين العمل بالظن والوهم ، لا يجوز عند العقل الامتثال الوهمي ، لقبح ترجيح المرجوح على الراجح ، فتعيّن عنده الامتثال الظني إذ ليس عند العقل بعد التنزل عن الامتثال التفصيلي والاجمالي والظن الخاص امتثال مقدم على الظن.
وتوهم : انّ المرجع في حال الانسداد لعله طريق آخر لا نعلمه ، فما دام لم ينسد ذاك الاحتمال لم يتعيّن العمل بالظن.
مدفوع : بالقطع بعدمه بناء على الحكومة ، لكونه وهميا ، ولا ريب في تقدم الظن عليه ؛ وكذا بناء على الكشف بناء على ما سيجيء من كون المنكشف هو الطريق الواصل وهو لا يكون غير الظن ، كما لا يخفى.
وينبغي التنبيه على امور :
الاول : انّه بناء على وجوب الامتثال الظني فقد اختلف في كون الحجة هو الظن بالواقع بالخصوص ، أو خصوص الظن بالطريق ، أو كلاهما على أقوال. ذهب صاحب الفصول رحمهالله (١) وأخيه البارع المحقق (٢) إلى حجية الظن بالطريق بالخصوص ، وبعض آخر إلى خصوص الظن بالواقع ، وبعض آخر إلى كليهما.
والظاهر انّ الخلاف الثاني ـ بعد التسالم على أنّ همّ العقل التنزل إلى الظن
__________________
(١) الفصول الغروية : ٢٧٧ السطر ٣٣ ـ ٤٠.
(٢) هداية المسترشدين ٣ : ٣٥١ ـ ٣٥٢ ، والحجرية : ٣٩١ السطر ١٩ ـ ٢٧.