ملاحظة دليل القاعدة مع الأدلة الواقعية مثل « الناس مسلطون على أموالهم » (١) وقوله : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢) ودليل الوضوء والغسل ونحوها تحمل الأدلة الواقعية عرفا على بيان المقتضي في مورد التعارض ودليل نفي الضرر على بيان المانع الفعلي ولا يبقى العرف في التحير والاشتباه.
ولذلك ترى الأعلام فيما يعملون بأدلة العناوين الثانوية لا يتوقفون ولا يلاحظون انّها دالة لفظا على نفي مؤدّى الأدلة الواقعية بما هو مدلول لها أم لا بل يعملون بها بمجرد لحاظ تعارضها مع الأدلة الواقعية ، فلولا التقديم من باب الجمع العرفي بل من جهة الحكومة الاصطلاحية فلا بدّ من الاختلاف في الموارد بحسب ملاحظة دلالتها لفظا على نفي مؤدّى الأدلة الواقعية بما هو مدلول لها وعدمها.
وإذا عرفت الجمع العرفي بين القاعدة والأدلة الواقعية فلا وجه لملاحظة التعارض بينها بل القاعدة ما ذكرنا ، إلاّ أن يقوم دليل من الخارج على أهمية العنوان الواقعي أو كان دليله نصا أو كالنص كما عرفت ؛ ولعل أخذ الأصحاب بسائر العمومات في قبال نفي الضرر من جهة أحد الوجوه المذكورة لا من جهة طرح القاعدة رأسا.
المقام الرابع : في تعارض فردين من الضرر ، بحيث لا يمكن العمل بالقاعدة فيهما معا بل العمل بها في أحدهما يستلزم ترك العمل بها في الآخر كما في سائر العمومات لو تعارض فردان منها في العمل بها فيهما.
فنقول : انّه لا يخلو الأمر واقعا :
__________________
(١) الخلاف ٣ : ١٧٦ المسألة ٢٩٠ من كتاب البيوع ؛ عوالي اللآلي ١ : ٤٥٧ الحديث ١٩٨ و ١ : ٢٢٢ الحديث ٩٩ و ٢ : ١٣٨ الحديث ٣٨٣ و ٣ : ٢٠٨ الحديث ٤٩ ؛ بحار الانوار ٢ : ٢٧٢ الحديث ٧. وهذا النبوي رواه جمع من العامة ، والظاهر انه ليس له طريق صحيح عندنا.
(٢) سورة المائدة : ١.