انشاء أحكام شرعية على طبقها في قبال الأحكام الواقعية إلاّ جعلها حجة بالمعنى المذكور ، ويكون التعبير بوجوب التصديق بها تعبيرا باللازم العقلي.
وامّا ان يكون بمعنى انشاء الحكم الشرعي على طبق مؤداها بعنوان قيام الأمارة ، كما على القول بالموضوعية وعلى ما هو التحقيق في الاصول العملية من كون اعتبارها بمعنى انشاء حكم ظاهري شرعي على طبقها حيث انّ الظاهر من مثل : « كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام » (١) انشاء الإباحة التكليفية في المشكوك الحكم ومن مثل : « كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر » (٢) انشاء الطهارة الشرعية في المشكوك.
فالتحقيق في الاصول أن يقال : [ انّ ] مؤداها أحكام واقعية شرعية ، غاية الأمر في المشكوك ، لا صرف الأحكام الصورية كما على التحقيق في الأمارات. والفرق : انّ الأمارات ناظرة إلى الواقع وحاكية عنه بلا نفسية فيها في قبال الواقع ، فان طابقت الواقع وإلاّ فيكون عذرا عنه ؛ دون الاصول لعدم نظر فيها إلى الواقع ، بل مفادها جعل الحكم في المشكوك الحكم الواقعي بعنوان كونه مشكوكا فان كان سند مثل : « كل شيء لك حلال » قطعيا فتكون الاباحة متحققة ، وإلاّ فلو كان بخبر واحد فيكون ظنيا أو مشكوكا ؛ فالحكم الظاهري فيها نظير الحكم الواقعي في الأمارات في كونه متيقّنا مرّة ، ومظنونا اخرى ، ومشكوكا بل موهوما ثالثة.
فاذا عرفت تحقق التعبد بكلا المعنيين أي : انشاء الحكم ؛ وجعل الحجية في الاصول والأمارات ؛ فلا بدّ من دفع الاشكالات المتوهّم ورودها بكلّ من الطريقين :
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٦٠ الباب ٤ من ابواب ما يكتسب به ، الحديث ٤ ، قريب منه.
(٢) في المصادر الروائية : « كل شيء نظيف ». وسائل الشيعة ٢ : ١٠٥٤ الباب ٣٧ من ابواب النجاسات ، الحديث ٤ ؛ تهذيب الاحكام ١ : ٢٨٤ ذيل الحديث ٨٣٢.