أمّا على الحجية (١) فحيث انّه لم يكن ـ بناء عليه ـ انشاء حكم على طبق الأمارة يوافق الواقع مرّة ويخالفه اخرى كما عرفت ، فلا يرد عليه لزوم اجتماع المثلين أو الضدين واجتماع الإرادة والكراهة والحبّ والبغض والمصلحة والمفسدة. نعم يرد عليه انّه يلزم من جعل الأمارة مع تمكّن المكلّف من تحصيل العلم بالواقع لولاه الالقاء في المفسدة على تقدير قيام الأمارة على اباحة فعل كان محرّما واقعا ، وتفويت المصلحة على فرض قيامها على اباحة واجب واقعا. هذا بناء على العدلية من تبعية الأحكام الشرعية للمصالح والمفاسد في الأفعال.
وامّا بناء على مذهب الأشعري (٢) من عدم تبعيتها لذلك فلا بدّ أيضا من تعلّق غرض في الفعل وجودا في الواجب وعدما في الحرام ، فيلزم من الترخيص على خلافهما نقض الغرض منه تعالى.
وملخص الجواب عن ذلك :
امّا في صورة الانسداد فلا مناص عن ذلك لو فرض كون الأمارة المعتبرة أغلب المطابقة في نظره تعالى عن غيرها.
وأمّا في صورة الانفتاح فيلزم الالقاء والتفويت لو لم نقل بالتدارك ؛ وامّا لو قلنا عليه بايصال مصلحة إلى المكلف حينئذ بجعلها في الفعل أو خارجا يتدارك بها ما فات منه من مصلحة الواقع او ما وقع عليه من المفسدة ، فلا يلزم ذلك.
هذا مع انّه لا يلزم التدارك أصلا فيما لو دار الأمر :
بين تفويت المصلحة أو الالقاء في المفسدة لبعض المكلفين بعد فرض اصابة الأمارة بالنسبة إلى الغالب.
__________________
(١) يأتي شقه الآخر بعد صفحات بقوله : « واما على القول بانشاء الحكم التكليفي ... الخ ».
(٢) تقدم تخريجه ، وقد قلنا هناك ان بعضهم يرى التبعية لكن موجبة جزئية. راجع شرح المقاصد ٤ : ٣٠٢ ؛ وشرح المواقف ٨ : ٢٠٢.