وبين التسهيل ورفع العسر والحرج عن النوع ، فانّه مع كون مصلحة الثاني أهم امّا : باستقلال العقل كما فيما لو فرض لزوم العسر الموجب لاختلال النظام في المعاش والمعاد ، أو بالاستكشاف من دليل الشرع بالإن من مثل قوله تعالى : ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) بالنسبة إلى العسر غير المستتبع لذلك ، فلا اشكال في عدم المحذور في جعل الأمارات حجة بل في لزومه لأهمية مصلحة التسهيل ولو بلا تدارك بالنسبة إلى من فاتت عنه المصلحة أو القي في المفسدة ، لعدم كون مثل هذا التفويت والالقاء قبيحا ؛ مع انّه يحصل لهذا الشخص ثواب الانقياد لو عمل بالأمارات كذلك.
والحاصل : انّه بناء على أحد الوجهين من لزوم التدارك ، أو أهمية مصلحة التسهيل فلا قبح في جعل الأمارات ولو لزم منه تفويت المصلحة والالقاء في المفسدة بالنسبة إلى بعض المكلفين كما لا يخفى.
وتوهم : عدم الفائدة في جعل الحكم الواقعي حينئذ ؛ مدفوع : بتحقق الفائدة فيه فيما لو حصل العلم به أحيانا بلا تكلّف فيه.
ومحصّل الكلام : انّه بناء على جعل الحجية لا يحصل الاشكال في الفعل الذي قامت الأمارة على حكمه وإنّما يحصل الاشكال في نفس فعل الشارع وهو الجعل من حيث استلزامه التفويت والالقاء ولا أقل من نقض الغرض ؛ ولكنك عرفت عدم القبح من جهة مزاحمة قبحهما بمصلحة أقوى ، بل الوجه كفاية احتمال ذلك في ردّ استدلال القائل بعدم جواز التعبد بالظن وان لم يتيقن بتلك المصلحة.
نعم في مقام اثبات الامكان الواقعي لا بدّ من العلم بذلك :
امّا تفصيلا باحاطة العقل بالجهات الواقعية وقطعه بالمصلحة الراجحة.
__________________
(١) سورة الحج : ٧٨.