ـ اعتمادا على الوجود السابق ـ إنّما هو مع الالتفات إليه والشك فيه وإلاّ فمع الغفلة فلا استناد أصلا ، هذا ؛ مع وضوح انّ بناءهم في حال الغفلة عن الطريق وموضوعه إنّما هو بمعاملة مع الواقع كأن لم يكن في البين طريق أبدا.
ثم انّه هل المعتبر في جريان حكم الاستصحاب الالتفات إلى هذا الحكم الاستصحابي أيضا وانّ المجعول في حقه هو هذا أم لا؟
التحقيق ان يقال : انّ كل حكم كان نفسيا وكان جعله لمصلحة في متعلقه سواء كان واقعيا أوليا أو ثانويا كالأحكام العذرية والاضطرارية وبعض الاصول العملية فتكون المراتب فيه أربع : الاقتضائي ، والانشائي ، والفعلي ، والتنجز ، ولا يتوقف كل منها حتى الفعلية [ على ] (١) العلم ؛ ويترتب عليها آثارها من الإجزاء على تقدير المطابقة ، والقضاء على تقدير عدمها ، والتنجز على تقدير العلم بها إلاّ مرتبة التنجز وهي كون الحكم بنحو بحيث يصح المؤاخذة عليه فعلا ولا عذر في مخالفته ، فانّ هذه المرتبة لا تحصل إلاّ بالعلم بالمرتبة الفعلية.
وامّا ان لم يكن الحكم كذلك ، بل كان طريقيا ولم يكن جعله لمصلحة في متعلقه بل لكونه حجة وموجبا لصحة المؤاخذة على مخالفة الواقع على تقدير الاصابة وعذرا عنه على تقدير الخطأ وغير ذلك من الآثار وعلى أي حال ما روعي فيه إلاّ التوصل بمصلحة الواقع ، فالتحقيق :
انّ فعلية مثل هذا الحكم كتنجّزه لا يكون إلاّ بالعلم وان صار من ناحية المولى تماما ولم يكن له حالة منتظرة إلاّ أنّه ما لم يحصل العلم بانشائه من قبله لا يمكن عقلا ان يكون حقيقيا فعليا ، لأنّ تحقق حقيقة كل شيء بمرتبة فعليته وفعليته بترتب الآثار المرغوبة من تلك الحقيقة عليه ، والمرغوبة منها في الحجة والحكم
__________________
(١) في الاصل المخطوط ( الى ).