الامتثال فانه يقال بانّ المراد من احداث الداعي اتمام الحجة والتحريك الشرعي فيما ينبغي وكان محلا فعلا للانبعاث والتحرك من المكلف كما فيما كان المكلف به محل الابتلاء ، لا انّ المراد كون الأمر علة تامة لانبعاث المكلف وتحركه وقصده للامتثال تكوينا ومثل هذه الصلاحية العقلية بمعنى انّه لو كان المكلف بصدد الامتثال فعلا لكان له قصد امتثال أمر مولاه ليس فيما كان المكلف به خارجا عن الابتلاء كما لا يخفى.
ثم انك بعد ما عرفت من كون قبح التكليف الفعلي بالنسبة إلى ما خرج عن محل الابتلاء إنّما هو بحكم العقل فاعلم انّه : ان حكم العقل في مورد بقبح التكليف الفعلي أو حسنه فلا اشكال ، وإلاّ ففي صورة التوقف (١) فلا بدّ من الرجوع إلى الاصول والقواعد في الموارد.
الأمر الثالث : انّ المناط في تأثير العلم الاجمالي في تنجز التكليف هو انّه كون التكليف المعلوم بالاجمال واجدا لشرائط الفعلية في أي طرف كان من الأطراف ، فمنه يعلم انّه لا فرق بين كون أطراف العلم امورا حالية وعرضية أو تدريجية وطولية بحسب الزمان لو كان الأمر الاستقبالي واجدا لشرائط التكليف الفعلي ولو بنحو الواجب المعلق وهو ان يكون التكليف الحالي متعلقا بأمر استقبالي كما لو علم بوجوب وطي امرأته في أول الشهر أو آخره بالنذر السابق أو علم بكون إحدى معاملاته الصادرة منه في أول الشهر أو آخره ربوية محرمة.
__________________
(١) امّا من جهة الشك في الخروج عن الابتلاء ، وامّا من جهة الشك في كون بعض مصاديق الخروج عن الابتلاء موجبا لقبح التكليف الفعلي فيرجع إلى البراءة ولا يصح الرجوع إلى إطلاق دليل الحكم لو كان لأنّه يصح الرجوع اليه فيما شك في اعتبار شيء في متعلق التكليف جزءا أو شرطا لا فيما شك في صحته بوجه التكليف من جهة الشك في فقدان بعض شرائطه. فما في كلام الشيخ ( فرائد الاصول ٢ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ) من الرجوع إلى الاطلاق في رفع الشك الناشئ من جهة الشك في الخروج عن الابتلاء ، لا وجه له. ( من المصنف قدسسره )