لاستقلال العقل بلزوم الموافقة القطعية معه حينئذ كالعلم التفصيلي ، لوجود المقتضي عقلا وهو العلم الاجمالي وعدم المانع شرعا.
ومن هنا يعلم انّ في صورة احتمال الاهتمام لا يجب الاحتياط في الشبهة البدوية لكون العقاب حينئذ بلا بيان دون العلم الاجمالي ، لعدم جريان ذلك فيه. هذا في البراءة العقلية.
وأمّا النقلية : فلا فرق بينهما في اجرائها بعد عموم أدلتها ما لم يعلم الاهتمام.
هذا كلّه في الجهة الاولى من اعتبار العلم في تنجز التكليف به.
وأمّا الجهة الثانية : وهو كيفية اسقاط التكليف بالامتثال فيقع الكلام [ في ] :
قوله : « واما سقوطه به بأن يوافقه اجمالا فلا اشكال فيه في التوصليات ». (١)
أقول : يقع الكلام في هذا المقام في أنّه : هل يكفي الامتثال الاجمالي بالاحتياط باتيان جميع أطراف المعلوم بالاجمال مع التمكن من الامتثال التفصيلي بتحصيل العلم تفصيلا بخصوص المكلف به؟ أم لا بدّ من التمكن منه من تحصيله ولا يكفي الاكتفاء بالامتثال الاجمالي؟ فنقول :
أمّا في المعاملات والواجبات التوصلية : فلا يكاد أن يشكل في كفاية الامتثال الاجمالي وانّه لا يلزم تحصيل العلم التفصيلي بالواجب ، حيث ان الغرض في التوصليات إنّما تعلق بمجرد إيجادها في الخارج وهو يحصل ولو بلا تشخيصه ، بل ولو بلا مباشرة من المكلف ، بل ولو حصل في الخارج اتفاقا بلا مباشرة من مكلف أصلا كما في غسل الثوب مثلا.
وأمّا في العبادات :
فان كانت الشبهة والترديد بين الأقل والأكثر بلا دوران الأمر بين المحذورين بأن لا يكون المشكوك على تقدير عدم اعتباره مانعا ومخلا بالفردية ، بل يكون من
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣١٥.