الجهل بمرتبة ما موضوعا للحكم الظاهري وإذا كان ممكنا فتشمله أدلّة الاصول من قوله عليهالسلام : « رفع ... ما لا يعلمون » (١) وقوله عليهالسلام : « كلّ شيء فيه حلال ... حتّى تعرف الحرام منه بعينه » (٢) لصدق عدم العلم بحكم كلّ من الأطراف بخصوصه ، وهذا الجهل ونقصان الانكشاف لما لم يكن في العلم التفصيلي أصلا فلا يبقى مجال للحكم الظاهري أمارة كان أو أصلا ، لعدم سترة في البين أصلا كي يجعل الطريق إلى الواقع ويكون الجهل موضوعا للحكم الظاهري.
والحاصل : أنّه لمكان السترة في العلم الإجمالي فيبقى مجال للحكم الظاهري ولحكم العقل بإمكان تعليق للتنجيز بالانكشاف التام ، بل يحكم بعدم الاقتضاء ايضا في بعض مراتبه كالعلم الاجمالي في غير المحصورة ولو كان تمام الأطراف محل الابتلاء كما في الغنم الكثير في يوم الذبح في الحجّ ، بل قيل بعدمه في المحصورة أيضا كما عن المحقّق القمّي قدسسره (٣) والمحقق الخونساري قدسسره (٤) وان كان خلاف التحقيق كما عرفت ، إلاّ أنّ ذهابهم إليه يدفع الاستغراب والاستبعاد في امكان جعل الحكم الظاهري كما لا يخفى.
هذا كلّه لو لم يعلم اهتمام الشارع بالحكم المعلوم بالاجمال وإلاّ فلو أحرز ذلك بحيث علم انّ الغرض مما يهتمّ به لا يجوز الاذن في الاقتحام في أطراف العلم بالحرام والاذن في الترك في أطراف العلم الاجمالي بالواجب لأنّ الإذن في ذلك حينئذ يكون نقضا للغرض ، بل لا يجوز الاذن في الاقدام والترخيص في الترك في الشبهات البدوية مع الاحراز المذكور أيضا ، غاية الأمر يكون الفرق بينها وبين العلم الاجمالي استكشاف الاحتياط فيها إذ بدونه تكون المؤاخذة بلا بيان ، بخلافه ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ١١ : ٢٩٥ الباب ٥٦ من ابواب جهاد النفس ، باب جملة مما عفي عنه ، الحديث ١.
(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٥٩ الباب ٤ من ابواب ما يكتسب به ، باب عدم جواز الانفاق ... الخ ، الحديث ١.
(٣) القوانين المحكمة ٢ : ٢٥ السطر ٣ ـ ٨ ، و ٢ : ٣٦ السطر ١٥ ـ ١٦.
(٤) مشارق الشموس : ٢٨١ السطر ٢٩ ـ ٣١.