يلزم اجتماع الضدين واقعا وعلى تقدير عدمها يلزم ذلك بنظر المكلف ظنا أو شكا أو وهما ، ومع الاستحالة فكيف تصدق [ الأمارات ] (١) مع الظن أو الشك بل الوهم بالحكم الفعلي على خلافها؟ وتجعل الاصول في أطراف الشبهة غير المحصورة مع العلم الاجمالي بالحكم الفعلي على خلافها المشارك مع ما نحن فيه في مرتبة الانكشاف ، غاية الأمر الاختلاف بينهما إنّما هو بكثرة الأطراف وقلتها غير المجدي في دفع الاستحالة على تقدير لزومها.
وثانيا نقول : أنّ في العلم الاجمالي جهتان من الكلام :
احداهما : أن نتكلّم في امكان جعل الحكم الظاهري على خلافه وعدمه من حيث ايراد المناقضة بين الحكمين وعدمها وهذه الجهة مشتركة الورود بينه وبين الشبهات البدوية والشبهة غير المحصورة ومضى إجمالا الجواب باختلاف مراتب الفعلية غير المضاد بعضها مع بعض وسيأتي تفصيلا في جواب الإشكال في جعل الأمارات في مبحث الظن.
ثانيتهما : أن نتكلّم كما هو المفروض في أنّه هل يورث العلم الاجمالي إذا تعلق بالحكم الفعلي وصوله إلى مرتبة التنجّز واستحقاق العقاب على مخالفته بنحو العلّية التامّة ، بتوهّم : عدم إمكان جعل الشارع الجهل التفصيلي عذرا أو اقتضاء بدعوى امكانه ، فنقول في هذا المقام مع قطع النظر عن المناقضة المذكورة :
انّه لمّا لم ينكشف الواقع في العلم الاجمالي تمام الانكشاف والمشاهدة بل كان مرتبة من السترة في مقام تعلقه بالموضوع بشخصه باقيا فيمكن أن يكون التنجّز في نظر العقل معلقا على الانكشاف التام وعدم سترة في البين أصلا.
وبعبارة اخرى : لمّا كان العلم الاجمالي في طريقيته ناقصا وغير تام فيجوّز العقل أن يكون هذا المقدار من النقصان بنظر الشارع ذات خصوصية مقتضية لجعل الشارع هذا النقصان عذرا وان لم يكن بنفسه كذلك عند العقل فيمكن أن يجعل هذا
__________________
(١) في الاصل المخطوط « الامارات والامارات ».