الواقعي والطارئ ، وحينئذ : فان كان دليل العنوان الواقعي أخصّ كدليل النفقات بالنسبة إلى واجبي النفقة ودليل الخمس والجهاد والزكاة ونحوها ، أو نصا في مدلوله كما في مطلق الأدلة الواقعية بالنسبة إلى مقدار من الضرر يستلزمه بطبعه ذاتا بحيث لو عمل في ذاك المقدار بقاعدة نفي الضرر فلا يبقى للعمل بها مجال فيعمل بالأدلة الواقعية ، لأنصّيتها ، كما لا يخفى.
وان لم يكن كذلك ففي : تقديم قاعدة نفي الضرر على الأدلة الواقعية ، واستكشاف كون عنوان الضرر علة تامة لرفع الحكم الواقعي من جهة حكومة القاعدة عليها ، أو من باب الجمع العرفي بينهما بحمل عنوان الضرر على المانع الفعلي وحمل العنوان الواقعي على بيان المقتضي في ذاك المورد ، وعدم تقديمه بل معارضة التعارض بينهما ، وجوه ؛ قد ذهب شيخنا العلاّمة (١) أعلى الله مقامه إلى حكومة القاعدة على الأدلة ، وبعض آخر إلى التعارض.
ولكن التحقيق : عدم تمامية الحكومة الاصطلاحية ، لتوقفها على كون دليل القاعدة ناظرا بمدلوله اللفظي إلى مؤدّى الحكم الواقعي ونافيا له بما هو مدلول له لا بما هو واقعي من الواقعيات مناف له واقعا ، وإلاّ فمجرد نفيه بدلالته الفعلية بما هو واقع ، لا بما هو مدلول الدليل شأن جميع الأدلة المتعارضة ، حيث انّ لازم اثبات كل منها لمؤداه نفي ما ينافيه واقعا ، وليس هذا بحكومة ، وأنّى له قدسسره باثبات الحكومة بالمعنى المذكور.
ولا وجه للتعارض أيضا ، إذ ملاكه التحيّر عرفا عند القاء كل من المتعارضين إلى أهل العرف وعدم عدهما بمجموعهما قرينة على خلاف الظاهر في أحدهما ، وهنا ليس كذلك ، بل التحقيق تقديم القاعدة من باب الجمع العرفي حيث انّه بعد
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٦٢.