ومن أراد أَنْ يَسْمَعَ سِرَّ النظم (١) ، وسِحْرَ الشِّعْرِ (٢) وَرُقْيَةَ الدَّهْرِ ، ويرى صَوْبَ العَقْلِ ، وذَوْبَ الظَّرْفِ ، ونتيجة الفضل فليستنشدْ ما أَسْفَرَ عنه طَبْعُ مَجْدِه ، وأثمرَهُ عَالي فِكْرِهِ من ملحٍ تمتزجُ بأجزاءِ النفوسِ لنفاسَتِها (٣) ، وتُشْرَبُ بالقلوبِ (٤) لسلاستها :
قَوَافٍ إذا ما رواها المَشُو |
|
قُ هَزَّت لها الغانياتُ القُدُودَا |
كَسَوْن عَبِيداً (٥) ثِيابَ العَبِيد |
|
وأَضْحَى لَبِيدٌ لَدَيْها بَلِيدا |
وايم الله : ما من يوم أسعفني فيه الزمان بمواجهة وجهه وأسعدني بالاقتباس من نوره ، والاغتراف من بحره ، فشاهدت ثمار المجد والسؤدد تنتثر من شمائله ، ورأيت فضائل أفراد الدهر عيالاً على فضائله ، وقرأت نسخة الفضل والكرم (٦) من ألحاظه ، وانتهَبْتُ فَرَائِد من أَلْفَاظِه ، إلَّا تذكَّرْتُ ما أنشدنيه ـ أدام الله تأييده ـ لعلي بن الرومي (٧) :
لَوْ لا عَجَائِبُ صُنْعِ اللهِ مَا نَبَتَتْ |
|
تِلْكَ الفَضَائِلُ في لَحْمٍ وَلَا عَصَبِ (٨) |
وأنشدت فيما بيني وبين نفسي ، ورددت قول الطائي (٩) :
فلو صَوَّرْتَ نَفْسَك لَمْ تَزِدْهَا |
|
على مَا فِيكَ مِنْ كَرَمِ الطِّبَاعِ |
وثلثت (١٠) بقول كَشَاجم (١١) :
__________________
(١) بإزائها في ( ح ) : ( النثر ).
(٢) في ( ط ) : النثر.
(٣) بإزائها في هامش ( ح ) : ( نَفُس الشيء بالضم نفاسة ، أي صار مرغوباً فيه ).
(٤) إزاؤها في ( ح ) : ( بالعقول ).
(٥) إزاؤها في ( ح ) : ( عبيد بن الأبرص : شاعر. وكذا لبيد ، ويعني تفضيل شعر هذا الأمير على شعر عبيد الشاعر ) ، وكذا لبيد.
(٦) في ( ط ) : « الكرم والفضل ».
(٧) في ( ح ) ( لابن الرومي ).
(٨) من قصيدة في الحسن بن عبيد الله بن سليمان ، في ديوانه ١ / ١٩٦ ورواية الديوان :
سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً |
|
وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ |
فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى |
|
برفقٍ مجيباً ( ما سألتَ يَهُونُ) |
وعلَّق المحقق بأنه في حاشية النسخة ( يروى : ولا عَصَبِ ).
(٩) شرح ديوان أبي تمام ١٨٣.
(١٠) في ( ط ) : ( وثَنَّيْت ).
(١١) كشاجم : هو أبو الفتح محمود بن. ـ