.................................................................................................
______________________________________________________
تسمعوا مقالة هذا الجاهل وأصحابه ، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر وإن أبوا أن يكون أمير وأمير فأجلوهم عن بلادكم ، وتولوا هذا الأمر عليهم ، فأنتم والله أحق به منهم ، فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها وأنا جذيلها (١) المحكك وعذيقها (٢) المرجب والله لا يرد أحد قولي إلا حطمت أنفه بالسيف.
قال عمر بن الخطاب : فلما كان الحباب هو الذي يجيبني لم يكن لي معه كلام ، فإنه جرت بيني وبينه منازعة في حياة رسول الله فنهاني رسول الله عن علي مهابرته ، فحلفت أن لا أكلمه أبدا.
ثم قال عمر لأبي عبيدة : يا أبا عبيدة تكلم ، فقام أبو عبيدة بن الجراح فتكلم بكلام كثير ذكر فيه فضائل الأنصار ، فكان بشير بن سعد سيدا من سادات الأنصار لما رأى اجتماع الأنصار على سعد بن عبادة لتأميره ، حسده وسعى في إفساد الأمر عليه ، وتكلم في ذلك ورضي بتأمير قريش ، وحث الناس كلهم لا سيما الأنصار على الرضا بما يفعله المهاجرون.
فقال أبو بكر : هذا عمر وأبو عبيدة شيخا قريش ، فبايعوا أيهما شئتم فقال عمر وأبو عبيدة : ما نتولى هذا الأمر عليك امدد يدك نبايعك ، فقال بشير بن سعد : وأنا ثالثكما ، وكان سيد الأوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج ، فلما رأت الأوس
__________________
(١ و ٢) الجذيل في الأصل : تصغير الجذل ، وهو عود ينصب للإبل الجربى تستشفى بالاحتكاك به والمحكك : الذي كثر به الاحتكاك حتّى صار مملسا.
والعذيق : تصغير العذق : وهو النخلة. والمرجب : المدعوم بالرجبة ، وهي خشبة ذات شعبتين وذلك إذا كثر وطال حمله ، والمعنى أنّي ذو رأى يشفى بالاستضاءة به كثيرا في مثل هذه الحادثة ، وأنا في كثرة التجارب والعلم بموارد الأحوال فيها وفي أمثالها ومصادرها كالنخلة الكثيرة الحمل. « الفائق : ج ١ ص ١٨١ ـ ١٨٢ ».