لم أفرغ من أدائها وفرائض لا بد من إمضائها ـ فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة ولا تخالطوني بالمصانعة ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي ولا التماس إعظام لنفسي لما لا يصلح لي فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه فلا تكفوا عني مقالة بحق أو مشورة بعدل فإني لست في نفسي بفوق ما أن أخطئ ولا آمن ذلك من
______________________________________________________
فكأنه جعل قوله عليهالسلام : « لإخراجي » تعليلا لترك الثناء لا مثنيا عليه ، ولا يخفى بعده.
ثم اعلم أنه يحتمل أن يكون المراد بالبقية الإبقاء والترحم ، كما قال الله تعالى « أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ » (١) أي إخراجي نفسي من أن أبقى وأ ترحم مداهنة في حقوق لم أفرغ من أدائها.
قال الفيروزآبادي : وأبقيت ما بيننا : لم أبالغ في إفساده والاسم البقية « أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ » أي إبقاء أو فهم (٢).
قوله عليهالسلام : « ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة » البادرة : الحدة والكلام الذي يسبق من الإنسان في الغضب أي لا تثنوا علي كما يثني على أهل الحدة من الملوك خوفا من سطوتهم.
أو لا تحتشموا مني كما يحتشم من السلاطين والأمراء كترك المسارة والحديث إجلالا وخوفا منهم ، وترك مشاورتهم أو إعلامهم ببعض الأمور والقيام بين أيديهم.
قوله عليهالسلام : « بالمصانعة » أي الرشوة أو المداراة.
قوله عليهالسلام : « كان العمل بهما أثقل عليه » وشأن الولاة العمل بالعدل والحق أو أنتم تعلمون أنه لا يثقل على العمل بهما.
قوله عليهالسلام : « بفوق » أي أخطأ هذا من الانقطاع إلى الله ، والتواضع الباعث
__________________
(١) سورة هود / ١١٦.
(٢) القاموس : ج ٤ ص ٣٠٦.