الانحراف اليسير الغير البالغ حدّ المشرق والمغرب.
ويؤيّده أيضا أنّ من المستبعد عدم اعتنائهم بهذه الأخبار المستفيضة المصرّحة بالمطلوب ، السالمة عن المعارض ، عدا بعض إطلاقات قابلة للتقييد أو التاويل ، فمرادهم بالقبلة في المقام ـ بحسب الظاهر ـ ما يعمّ ما بين المشرق والمغرب ، معوّلين في ذلك على صحيحة معاوية بن عمّار ، المتقدّمة (١) الواردة في خصوص المسألة ، المصرّحة بأنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة.
وأصرح منها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «لا صلاة إلّا إلى القبلة» قال : قلت : أين حدّ القبلة؟ قال : «ما بين المشرق والمغرب قبلة كلّه» قال :قلت : فمن صلّى لغير القبلة أو في يوم (٢) غيم في (٣) غير الوقت؟ قال : «يعيد» (٤).
وكيف كان فهاتان الصحيحتان حاكمتان على الأخبار المطلقة الآتية الدالّة على أنّ من صلّى لغير القبلة أعادها في الوقت ، لا في خارجه ، فإنّهما بمدلولهما اللفظي تدلّان على اختصاص موضوع تلك الأخبار بما لو صلّى خارجا عمّا بين المشرق والمغرب ، وقد أشرنا في محلّه إلى أنّ عدم إمكان الأخذ بظاهر الصحيحتين على الإطلاق لا يقتضي طرحهما رأسا ، كما أنّ مقتضى تخصيص الإعادة في تلك الأخبار بما إذا تبيّن الخطأ في الوقت لا في خارجه : تقييد ما يستفاد من أغلب الأخبار المتقدّمة مفهوما ومن ذيل صحيحة زرارة منطوقا من
__________________
(١) في ص ١٦٢.
(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «ليوم» بدل «في يوم». وما أثبتناه من المصدر.
(٣) في الفقيه : «وفي».
(٤) تقدّم تخريجها في ص ٨٧ ، الهامش (١).