في الوقت دون خارجه لمن صلّى إلى غير القبلة ؛ إذ أقصى ما يدلّ عليه أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة ، بل لقائل أن يقول : إنّ قوله : «إذا صلّيت وأنت على غير القبلة» يتناول لفظ القبلة ما بين المشرق والمغرب (١). انتهى.
فكأنّ صاحب الحدائق لم يصل إلى كنه مرامه حتّى أنّه احتمل كون ما عنده من النسخة غلطا ، فقال بعد نقل كلامه معترضا عليه ما هذا لفظه : ولا يخفى ما فيه.
أمّا الاستناد إلى الأصل كما ذكره : فمعارض بأنّ الأصل شغل الذمّة بالعبادة ، وهذا أصل متيقّن (٢) لا مناص عنه ، فلا يحكم ببراءة الذمّة إلّا بيقين مثله ، والأخبار هنا متعارضة كما عرفت ، والوقت باق ، والخطاب متوجّه ، فلا تتيقّن براءة الذمّة إلّا بالإعادة في الوقت ، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه ، ولا يتطرّق إليه الإيراد من خلفه ولا من بين يديه.
وأمّا منع التخصيص : فلا يخفى ما فيه ؛ فإنّي لا أعرف لكلامه هنا وجه استقامة ، ولعلّ النسخة التي عندي لا تخلو من غلط.
ثمّ جدّد المقال في تشييد الاستدلال زيادة على ما قدّمه ممّا نقلنا ملخّصه بما صورته : أنّ صحيحة معاوية المشار إليها قد دلّت على أنّ من صلّى بظنّ القبلة ثمّ تبيّن انحرافه إلى ما بين اليمين والشمال فقد صحّت [صلاته] ؛ لأنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة ، وتبيّن الانحراف عن القبلة أعمّ من أن يكون في الوقت أو في خارجه ، فيمكن تقييد هذا العموم بما فصّلته تلك الأخبار من أنّ من صلّى
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٦ : ٤٣٧ ـ ٤٣٨ ، وانظر : منتهى المطلب ٤ : ١٩٧.
(٢) في «ض ١٦» والطبعة الحجريّة : «متقن».