لدى الجهل بجهتها الخاصّة ، فإنّ هذا هو المتبادر من الأمر باستقبال الكعبة والتوجّه إليا من البلاد النائية التي يتعذّر فيها عادة تحصيل العلم بمحاذاة عينها ؛ ضرورة أنّ الأمر باستقبال الكعبة في الصلاة ليس إلّا كالأمر بالتوجّه إلى قبر الحسين عليهالسلام من البلاد النائية في بعض الزيارات المأثور ، أو إلى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله في بعض الزيارات والأعمال ، ومن الواضح أنّه لا ينسبق إلى الذهن من ذلك إلّا إرادة الجهة التي علم إجمالا باشتمالها على القبر الشريف ، فمتى أحرز إجمالا أنّ المدينة في ناحية القبلة يتوجّه إليها ، ويأتي بذلك العمل الذي ورد فيه الأمر باستقبال قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما أنّه يزور الحسين عليهالسلام من بغداد متوجّها إلى القبلة ، ومن النجف عكسه ، لا لكونه قاصدا بفعله مطلق الزيارة المعلوم رجحانها ولو من غير توجّه صوريّ ، فإنّه ربما لا يعلم بذلك أصلا ، وإنّما يقصد بفعله امتثال الأمر الخاصّ البالغ إليه من غير أن يخطر بذهنه احتمال التشريع ، مع أنّه لا يظنّ بمحاذاته للقبر الشريف فضلا عن أن يقطع بذلك ، وهل هذا إلّا لأجل أنّه لا يفهم من الأمر إلّا ما ينطبق على عمله؟ ولا يخفى عليك أنّ استفادة إرادة استقبال السمت المشتمل على الشيء المأمور باستقباله ـ كقبر الحسين عليهالسلام في المثال المتقدّم من الأمر بالتوجّه إليه ـ ليس لكونه في حدّ ذاته مقصودا بالتوجّه ، بل لأنّ التوجّه إلى السمت توجّه إلى ذلك الشي بنحو من الاعتبار العرفي عند عدم العلم بجهته المخصوصة ، فلم يقصد من الأمر بالتوجّه إلّا الميل إلى جانبه ، فمتى كان جانبه المخصوص ممتازا لدى المكلّف عن سائر الجوانب لا يكون استقباله لسائر الجوانب استقبالا لجانب ذلك