الشي ، وما لم يميّزه بالخصوص يكون استقبال الجانب الذي علم إجمالا باشتماله على ذلك الشيء استقبالا لجانبه.
ألا ترى في المثال المتقدّم أنّه لو شاهد القبر الشريف من البعيد أو علم بخصوص الخطّ المسامت له ، لا يفهم من ذلك الأمر إلّا إرادته بالخصوص ، بخلاف ما لو لم يعلم بذلك كما عرفت.
ولا يلزم من ذلك استعمال اللفظ في أكثر من معنى ؛ إذ لم يرد من أمر البعيد باستقبال الشيء إلّا استقبال الطرف الواقع فيه ذلك الشيء ؛ إذ لم يعقل الأمر باستقبال عينه مع بعده واستتاره عن الحسّ ، فالمقصود ليس إلّا استقبال طرفه الواقع فيه ، كما هو المنساق من قوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (١) وطرف الشي يصدق على الطرف المخصوص به والطرف المشتمل عليه ، والمتبادر منه للمشاهد ونحوه الأوّل ، ولغيره مطلق سمته الذي يضاف إليه.
ويحتمل فيه المقابلة للعين ، نظير ما عرفت في مبحث التيمّم من أنّ المتبادر من الأمر بضرب الكفّ إرادة الضرب بالباطن للمتمكّن ، والظاهر للعاجز ، بالتقريب الذي تقدّم تحقيقه في محلّه.
والحاصل : أنّ التوجّه إلى شي أو شخص من البلاد النائية ربّما يتعلّق به غرض عقلائيّ مع قطع النظر عن حكم شرعيّ ، كما قد يصدر ذلك من العقلاء في مقام الاستغاثة والندبة وغير ذلك ، وكيفيّته لديهم ليست إلّا بالتوجّه إلى السمت الواقع فيه ذلك الشيء.
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٤٤.