نعم ، لو فرض علمهم بجهته الخاصّة المحاذية له ، لا يعدلون عنها إلى مطلق سمته ، بل لا يعدلون عن الأقرب إلى الأبعد عند تميّزه ، فلا يتبادر من الأمر بالتوجّه إلى الكعبة إلّا هذا المعنى الذي كان يصدر منهم في مقام الاستغاثة لو كانوا يزعمون أنّ في ذلك المكان رجلا يسمع نداءهم ويجيب دعاءهم ويغيثهم متى استغاثوا به ، وهو التوجّه إلى سمته ، ومن هنا ادّعى المحقّق الأردبيلي قدسسره ـ في عبارته المتقدّمة (١) ـ أنّ المتبادر من أمر السيّد عبده باستقبال بلد من البلدان النائية ليس إلّا ما يتحقّق امتثاله بمجرّد التوجّه إلى جهة تلك البلد.
لكن لا يخفى عليك أنّ السمت ـ الذي ندّعي انسباقه إلى الذهن من الأمر بالتوجّه إلى شي ـ هو السمت الذي يضاف إلى ذلك الشيء عرفا ، فيقال : سمته وجانبه وطرفه ، لا مطلق ما بين المشرق والمغرب مثلا ، فإنّه لا يضاف مطلق هذا السمت إلى ذلك الشي ، بل يقال : ذلك الشي واقع فيه ، لا أنّه سمته ، فسمت الشي عبارة عن الجانب المشتمل عليه الذي لا يعدّ أجنبيّا عنه بنظر العرف دون ما يرونه أجنبيّا عنه ، ولكن مع ذلك لا يبعد صدق الاستقبال والتوجّه إلى الشي عرفا عند التوجّه إلى مطلق السمت الواقع فيه ذلك الشي عند تعذّر تشخيص السمت الذي يضاف إليه عرفا ، كما يؤيّد ذلك قوله عليهالسلام في الصحيحتين المتقدّمتين (٢) : «ما بين المشرق والمغرب قبلة» المحمول صرفا أو انصرافا على صورة الجهل بجهة أخصّ من ذلك أو الغفلة عن رعايتها ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
__________________
(١) في ص ٢٧ ـ ٢٨.
(٢) في ص ١٤.