نفس العرصة وكلّ جزء من أجزائها ؛ إذ لا يمكن محاذاة المصلّي بإزائها منه إلّا قدر بدنه ، والباقي خارج عن مقابلته ، وهذا المعنى يتحقّق مع الصلاة فيها كما يتحقّق مع الصلاة في خارجها.
ونوقش في ذلك : بأنّه يجوز أن يكون المعتبر التوجّه إلى جهة القبلة بأن تكون الكعبة في جهة مقابلة المصلّي وإن لم تحصل المحاذاة لكلّ جزء منها ، فلا بدّ لنفي ذلك من دليل.
أقول : كفى دليلا لنفي هذا الاحتمال ـ أي عدم الاعتناء به ـ أصالة براءة الذمّة عن التكليف بأزيد من مسمّى الاستقبال الحاصل في الفرض بناء على ما هو التحقيق من أنّها هي المرجع عند الشكّ في الشرائط وأجزاء العبادات ، لا قاعدة الاشتغال.
ولكن لقائل أن يقول : إنّ المنساق من الأمر بالتوجّه إلى الكعبة واستقبالها في الصلاة ليس إلّا ذلك ، فلا مسرح للتمسّك بالأصل بعد ما ورد في الكتاب والسنّة من الأوامر المطلقة المتعلّقة باستقبالها والتوجّه نحوها ، الظاهرة في إرادته من الخارج.
ودعوى أنّ المتبادر منها ليس إلّا استقبال شي منها بحيث عمّ مثل الفرض مخالفة للوجدان.
اللهمّ إلّا أن يدّعى شمولها لمثل الفرض بتنقيح المناط ، لا بالأدلّة (١) اللفظيّة.
وفيه أيضا نظر ؛ لإمكان أن يكون المقصود باستقبال الكعبة تعظيمها ، و
__________________
(١) في «ض ١٦» : «بالدلالة» بدل «بالأدلّة».