لا يبعد أن يكون جعلها أمامه في الصلاة أبلغ في التعظيم من أن يصلّي فيها ناويا به استقبال جزء منها مع كونه مستدبرا لجزء آخر.
وربما جعل بعض ذلك ـ أي لزوم الاستدبار ـ من مؤيّدات مذهب الشيخ ، بل من أدلّته ؛ ضرورة كون استدبار القبلة من منافيات الصلاة.
وفيه : أنّ الاستدبار إنّما يكون منافيا إذا كان موجبا لفوات الاستقبال الذي هو شرط للصلاة ، لا في مثل الفرض.
واحتمال كونه في حدّ ذاته من المنافيات مدفوع بالأصل ، ولكنّ المستدلّ بذلك ممّن يرى وجوب الاحتياط في الشرائط المحتملة ، فلعلّه مبنيّ على مذهبه.
وكيف كان فقد تلخّص ممّا ذكر أنّه يمكن أن يستدلّ للشيخ بإطلاق الأمر بالاستقبال ، الظاهر في إرادته من الخارج ، وإنكار ظهوره في ذلك مكابرة.
ولكن يتوجّه على الاستدلال : أنّ الإطلاق جار مجرى الغالب ، فلا ينسبق إرادته إلّا ممّن كان خارجا من الكعبة ، وأمّا من كان فيها فينصرف عنه هذا الخطاب ، وإنّما نلتزم بوجوب استقبال جزء منها ولو من فضائها بأن لم يصلّ ـ مثلا ـ عند الباب مستقبلا خارج الكعبة على وجه لم يكن بين يديه ولو في حال الركوع أو السجود شي من فضائها ؛ لما ثبت بإجماع ونحوه من وجوب استقبال شي منها في الصلاة مطلقا حتّى في مثل الفرض ، وإلّا فالأدلّة اللفظيّة ـ التي ورد فيها الأمر باستقبال الكعبة ـ قاصرة عن إفادة الاشتراط لمن يصلّي في جوفها ، فليتأمّل.
وأمّا الجواب عن الصحيحتين : فبمعارضتهما بموثّقة يونس بن يعقوب ،