التي هي نصّ في الجواز ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إذا حضرت الصلاة المكتوبة وأنا في الكعبة أفأصلّي فيها؟ قال : «صلّ» (١).
وما عن الشيخ من حملها على الضرورة (٢) ، في غاية البعد ، لا لمجرّد كونه تنزيلا للإطلاق على الفرد النادر ، بل لظهور استفهام السائل في إرادة اختيار إيقاع الصلاة فيها في مقابل الصلاة في خارجها ، فكأنّه قال : أفأصلّي فيها أو أخرج للصلاة؟ فكيف يصحّ حينئذ حمل إطلاق الجواب على الضرورة.
هذا ، مع أنّ تنزيل الحكم المطلق على إرادته في حال الضرورة أبعد من حمل النهي على الكراهة ، فمقتضى القاعدة حمل الصحيحتين على الكراهة ؛ جمعا بينهما وبين هذه الموثّقة التي كادت تكون صريحة في جوازها اختيارا ، كما يؤيّده فهم المشهور وفتواهم.
هذا ، مع أنّه ربما يستشعر من التعليل الواقع في الصحيحة الأولى بل يستظهر منه : الكراهة ؛ لعدم مناسبته للحرمة ، كما لا يخفى.
وأمّا الصحيحة الثانية : فالظاهر اتّحادها مع مارواه ثانيا وثالثا بلفظ «لا تصلح» الظاهر في الكراهة.
ودعوى ظهور هذه الكلمة أيضا في الحرمة ؛ نظرا إلى أنّ الصلاح ضدّ الفساد ، مدفوعة بأنّ المتبادر منها في الأخبار ليس إلّا الكراهة ، كلفظة «لا ينبغي» و
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٢٧٩ / ٩٥٥ ، الاستبصار ١ : ٢٩٨ / ١١٠٣ ، الوسائل ، الباب ١٧ من أبواب القبلة ، ح ٦.
(٢) الاستبصار ١ : ٢٩٩ ، وحكاه عنه العاملي في الوسائل ، ذيل ح ٦ من الباب ١٧ من أبواب القبلة.