وفيه ما لا يخفى من التكلّف ، ومخالفته لظاهر الأخبار المتقدّمة وكلمات اللّغويّين بل صريحها ، فالتحنّك والتلحّي ليس إلّا إدارة شيء من العمامة تحت الحنك على حسب ما هو المتعارف في الأعصار والأمصار ، والإسدال الوارد في الأخبار المتقدّمة مخالف لهذه الكيفيّة بلا شبهة ، خصوصا ما في بعضها من أنّه أسدلها بين كتفيه ، فأين هذا من إدارة شيء تحت حنكه؟ ولقد أطنب في الحدائق (١) في التعريض عليه ببيان ما يرد عليه من وجوه الضعف ، ثمّ اختار في مقام الجمع ما يقرب من ذلك في الضعف ؛ حيث زعم أنّ أخبار السدل تدلّ على أنّ السنّة في لبس العمامة هي هذه الكيفيّة ، أي الإسدال مطلقا ، ولكنّها مخصّصة بأخبار التحنيك ، فإنّها أخصّ من هذه الأخبار ؛ فإنّ منها ما يدلّ على كراهة ترك التحنّك في السفر ، ومنها ما يدلّ على كراهة تركه عند السعي في قضاء الحوائج ، وقسم منها ما دلّ على كراهة أن يتعمّم ولم يتحنّك ، وظاهر هذا القسم إرادته حال فعل العمامة ـ أي بعد الفراغ منه ـ لا مطلقا ما دام متلبّسا بها ، أو أنّه يحمل عليه ؛ جمعا.
وفيه : أنّ بعض القسم الثالث من الأخبار وإن أمكن حمله على إرادته حال الفعل على بعد ولكن بعضه الآخر ـ الذي دلّ على كون التلحّي هو الفارق بين المسلمين والكفّار ـ يأبى عن ذلك ، كما هو واضح.
هذا ، مع أنّ بعض أخبار السدل مورده السفر.
وحكي عن بعض تخصيص أخبار السدل بالنبي والأئمّة عليهمالسلام (٢).
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٧ : ١٣٠ ـ ١٣٥.
(٢) احتمله السيّد الطباطبائي في رياض المسائل ٣ : ٣٥٧ ، وحكاه صاحب الجواهر فيها ٨ : ٢٤٨ بعنوان «قيل».