وما يقال ـ من أنّ الإجماع في مثل المقام لا يكشف عن رضا المعصوم عليهالسلام حتّى يكون موجبا للقطع بفراغ الذمّة ، فإنّه مركّب من قول المشهور ومن قول من اكتفى بصلاة واحدة زاعما اختصاص شرطيّة الاستقبال بصورة العلم ، فلا يجدي إجماعهم على عدم وجوب الزائد في مثل الفرض ـ مدفوع بما تقدّمت الإشارة إليه من أنّه لو انحصرت جهة القبلة في إحدى الجهات لا يقول أحد بسقوط شرطيّة الاستقبال ، ولا يوجب أزيد من صلاة واحدة إلى تلك الجهة ، فهذا دليل على اتّساع جهة القبلة لغير المتمكّن من تشخيص جهتها الخاصّة بحيث يجزئه صلاة واحدة إلى السمت الواقع فيه الكعبة واحتملها في كلّ جزء منه وإن انحرف عن محاذاتها بمقدار لو علم به أو أمكنه تشخيص جهتها في أقلّ من ذلك لم يكن يجزئه ذلك.
لا يقال : إنّ هذا لا يكشف عن اتّساع الجهة لغير المتمكّن ؛ لجواز أن يكون الاكتفاء بصلاة واحدة إلى الجهة التي علم إجمالا بوجود الكعبة فيها ؛ لاكتفاء الشارع في مثل الفرض بالموافقة الاحتماليّة ، وحيث يحصل احتمال الموافقة بصلاة واحدة إلى أيّ جهة تكون عند اشتباه القبلة في الجهات كلّها ، فلا مقتضي لوجوب الأزيد ؛ فإنّ للإطاعة مرتبتين : الأولى : وجوب الموافقة القطعيّة ، والثانية : حرمة المخالفة القطعيّة ، فمتى تعذّر القطع بالموافقة أو دلّ الدليل على عدم وجوبه ، لم يجب إلّا التحرّز عن المخالفة القطعيّة ، وهو حاصل في الفرض.
لأنّا نقول ـ بعد الغضّ عن ظهور فتاوى الأصحاب بل صريح كثير منها في أنّ الصلاة إلى الجهة التي احتمل وجود الكعبة في كلّ جزء منها ليست من باب