العمل بالاحتياط ، بل لكونها صلاة إلى القبلة ـ : إنّه يكفي في إثبات المدّعى انعقاد الإجماع المعتضد بأدلّة نفي الحرج وغيرها ـ ممّا ستسمعه ـ على عدم وجوب أزيد من صلاة واحدة إلى كلّ جهة ، سواء كان منشؤه اتّساع الجهة أو عدم وجوب مراعاة الاحتياط بأزيد من ذلك.
وما قيل ـ من أنّه متى تعذّر القطع بالموافقة لم يجب إلّا التحرّز عن المخالفة القطعيّة ـ ففيه : ما ستعرف في الفرع الآتي من أنّه لا يجوز رفع اليد عمّا يقتضيه الاحتياط في الواجب إلّا بقدر ما تقتضيه الضرورة ، أو يدلّ عليه دليل خاصّ ، فلا يجوز عند تعذّر تحصيل العلم الاكتفاء بالموافقة الاحتماليّة ، بل تجب رعاية الواجب بقدر الإمكان ، كما سنوضّحه.
حجّة القول بكفاية صلاة واحدة : صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم ـ المرويّة عن الفقيه ـ عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : إنّه قال : «يجزئ المتحيّر أبدا أينما توجّه إذا لم يعلم أين وجه القبلة» (١).
ومرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قبلة المتحيّر ، فقال : «يصلّي حيث يشاء» (٢).
وصحيحة معاوية بن عمّار ـ المرويّة عن الفقيه ـ قال : قلت : الرجل يقوم في الصلاة ثمّ ينظر بعد ما فرغ فيرى أنّه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا ، فقال : «قد مضت صلاته ، فما بين المشرق والمغرب قبلة ، ونزلت هذه الآية في المتحيّر
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٧٩ / ٨٤٥ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب القبلة ، ح ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٢٨٦ / ١٠ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب القبلة ، ح ٣.