والأقوى ما عرفت من عدم سقوط التكليف رأسا ، ووجوب الإتيان بسائر المحتملات التي تمكّن من فعلها من غير تفصيل بين تعلّق العجز ببعض غير معيّن أو معيّن قبل تنجّز التكليف أو بعده ، كما نسب ذلك إلى المشهور (١) ؛ لأنّ معذوريّة المكلّف في ترك امتثال الواجب على تقدير مصادفته للبعض الممنوع عنه عقليّ.
وقد أشرنا ـ في صدر كتاب الطهارة (٢) وفي مبحث الماءين المشتبه طاهرهما بنجسهما (٣) ، بل في غير مورد من الكتاب المزبور ـ إلى أنّ العقل لا يحكم إلّا بكون العجز الواقعي عذرا مقبولا في مخالفة التكاليف ، لا احتماله ، وهذا وإن كان مرجعه إلى شرطيّة القدرة في التكاليف واختصاص أدلّتها بغير العاجز إلّا أنّ المخصّص إذا كان عقليّا ، تخرج ذوات المصاديق عن تحت إطلاقات الأدلّة لا بعناوينها الخاصّة ، فلو شكّ المكلّف بعد دخول الوقت في أنّه متمكّن من فعل الصلاة تامّة الأجزاء والشرائط ، يجب عليه الاشتغال بفعل الصلاة حتّى ينكشف الحال إمّا بحصول الامتثال أو ظهور العجز ، وليس له ترك الصلاة معتذرا بعدم علمه تنجّز (٤) التكليف بالصلاة بواسطة الشكّ في القدرة التي هي شرط في ذلك ، لا لما توهّم من قاعدة ظنّ السلامة ، أو استصحاب القدرة ، أو نحو ذلك ، بل لما أشرنا إليه من أنّ عجزه عن الامتثال في الواقع هو العذر بنظر العقل
__________________
(١) لاحظ ذخيرة المعاد : ٢١٩.
(٢) ج ١ ، ص ٢٢ وما بعدها.
(٣) ج ١ ، ص ٢٥٧.
(٤) في «ض ١٤ ، ١٦» : «بتنجّز».