فيبهتون (١) فإن وجدت منهم إفاقة ما تمنّوا ذلك (٢) وقيل : هي مستعارة (٣) للتّكثير أو للتّحقيق ومفعول (يَوَدُّ) محذوف (٤) لدلالة (لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) عليه (٥)
______________________________________________________
(١) من البهت بمعنى الدّهشة والتّحيّر ، أي فيتحيّرون ، أو الأخذ بغتة ، فعلم أنّ قلّة التّمنّي لذلك باعتبار قلّة الزّمان الّذي يقع فيه ، فلا ينافي كثرته في نفسه.
(٢) أي كونهم مسلمين.
(٣) أي مستعارة من معناها الأصلي ، وهو التّقليل لمعنى آخر ، وهو إمّا الكثرة أو التّحقيق ، فتكون ودادتهم مسلمين كثيرة أو محقّقة أو كانت المستعارة بمعنى المنقولة ، فالمعنى وقيل : هي منقولة من التّقليل إلى التّكثير أو التّحقيق ، والمراد مطلق المجاز لا الاستعارة الاصطلاحيّة ، فالعلاقة في استعمالها في التّكثير هي الضّدّيّة ، وفي التّحقيق اللّازميّة ، فإنّ التّقليل في الماضي يلزمه التّحقيق ، وقد عرفت أنّ ربّ عند بعضهم حقيقة في التّكثير ، وعليه تختصّ أيضا بالماضي عند ابن السّرّاج وأبي علي ، فإنّ التّكثير كالتّقليل إنّما يكون فيما عرف حدّه.
وباعتبار أنّ الكفّار حال إفاقتهم دائما يودّون كونهم مسلمين فالتّكثير نظرا للتّمنّي في نفسه ، والتّقليل نظرا إلى أنّ أكثر أحوالهم الغيبوبة والدّهشة.
قيل : قوله : «مستعارة للتّكثير» أي مستعارة بالنّسبة إلى أصل الوضع ، وإن شاع استعمالها في التّكثير حتّى التحق بالحقيقة.
وكيف كان فالمراد بالاستعارة هنا مطلق النّقل والتّجوّز ، لا المصطلح عليها والعلاقة الضّدّيّة ، لأنّ التّكثير ضدّ التّقليل.
(٤) فالتّقدير ربّما يودّ الّذين كفروا الإسلام ، أو كونهم مسلمين ، ولا فرق في ذلك بين الوجوه السّابقة من كون ربّ للتّقليل ، أو التّكثير ، أو التّحقيق ، ولا يصحّ أن يكون المفعول (لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) كما قد يتوهّم وذلك لأحد وجهين :
الأوّل : لأنّ الكفار لم يودّوا ذلك.
الثّاني : لأنّ لو التّي للتّمنّي للإنشاء ، ولا يعمل ما قبل الإنشاء فيما بعده.
(٥) أي على حذف المفعول.